إبرة
ذات يوم، سيطر مطرٌ مجنونٌ على المدينة، شَبّهه بعضهم
بجدالٍ عقيمٍ بين مُشجّعَيْن لفريقيْ العاصمة في مقهى على قارعةِ زُقاقٍ لم ترسمه
خرائط البلدية، و سيطرت عليه أرواحُ سجائر العالم.
مدَّ صديقنا يده يبحث عن الوقت،لكن لأسفنا الشديد، لم
يجد إلا ثلاث دقائقَ باقية كانت ثبّتها العقرب الطويل.
قال:
أنا ذاهبٌ إلى جبل قاف، من يأتي معي؟
قال الذي على زنده وشم القلب:
لماذا؟
المسافة بعيدة، و حذائي مُعطّل.
قال صاحب الساعة:
سأحرر الأرض أو أسقط السماء، أنا ضجرٌ جدّا و أريد أن
أضحك مع العصافير.
سأل طفلٌ صغير كان يسترق السمع و يتّقي جُنون المطر:
كيف، و السماء أكبر من سيارة الشرطة؟
أجاب من لديه سِرُّ الساعة:
سأغرزُ هذه الإبرة في مؤخرتها.
بدت الفكرة مثيرة.
و حين استعاد المطرُ عقله قمنا نتبعه عبر الدّروب و
الأزقّة و الثنايا المتثَعّبَةِ أياما و لياليَ آمنين، و هناك، كانت السماءُ فوقنا
إلى حدّ أنه كان علينا الانحناء كي لا نرطمَ رؤوسنا بالسّقف.
تحسس صاحب الإبرة ردفَ السماء بدِقَّة طبيبٍ، بحث عن
نقطةٍ طريّةٍ، و بضربة خبيرٍ سدّدَ ضربة واحدةً أودتْ بنصف الإبرة أو ثلاثة
أرباعها في المؤخرة العظيمة دُفعَةً واحدة.
صاح صاحب القلب:
انظروا، إنها تعمل مثل الطائرة النّفّاثة.
و حين انتبهنا، كانت السّماء قد غارت في السّماء، و هي
الآن بعيدةٌ جدّا، أبعدُ مما ترونها الآن.
Commentaires
Enregistrer un commentaire