مذكرات عبسلام
الموسم2
الحلقة16
و غرقَ عبسلام
في النوم حتى لا يدري كم لبث.
و في أحلامه
تراءى له طيف شيخه:
_يا عبسلام، كم
لبثت!
-يوما أو بعض
يوم يا شيخي...
-بل هي أيام يا
ولدي، فانظر إلى نفسك إذْ تتأوّه، و انظر إلى لحيتك، ثمّ انظر إلى ثيابك كيفَ
تلطّخت...
-أعلَمُ يا شيخي
أنّكَ أحطت بكل شيء علما
-لا حرج عليك يا
ولدي، قم الآن إلى النّهر فاركُضْ برِجلك، فإنّ لك فيه مغتسل باردٌ و شراب.
كرع عبسلام و
اغتسل ثم جلس إلى جذع النخلة يهزّه فَيسّاقَطُ عليه الجنى فيمزجُ رطبه بالفراولةِ
و يسوغها بجغمةِ ماء طهورٍ ينزل على قلبه هنيًّا مريّا.
قال عبسلام:
أُبْرِدُ بالظّهر ثم أنطلق، و لأصلّيَنّ العشاء في مدينة الصّدر.
و فجأة نادى
المنادي من قبل المغرب:
-بل لتسيرَنَّ
من حينك هذا إلى الشام في خمس ليالٍ لا تزيد، تقابل حبيبنا في الله أبو محمد
الجولاني ثم تعود، فابحث لك عن رافع بن عميرة الطائي يدلّك إلى البوكمال.
قال عبسلام:
تالله لقد جُنّ شيخي و أصابه الخرف، أيحسبني خالد بن الوليد! حسبيَ الله و نعم
الوكيل... ثم قام يحثو التراب على قَوْبَعَتِه.
و لن نسرد وقائع
الرحلة الشامية هنا.
و في الليلة
الحادية عشر التقطته سيّارة، قال: هذا من عمل الكفّار و كلّ لنا مسخّرون، فسبحان
الذي سخّر لنا هذا و ما كنا له مقرنين.
و راحت السيارة تتهادى،
تزمجر و تطرطر و ترتجّ و تتوقف و تستأنف ثم تتوقف...
صاح عبسلام في
السائق: ويحك! قد أرتنا سيارتك النجوم في الظهر الأحمر، اسقها قاتلك الله و لا
تضيّعنا في هذه المفازة!
قال السائق: و
لو ربطتها بآبار الموصل! خيرٌ لك أن تنام أو تغادر.
فأسقطَ في يديه
و أذعن.
Commentaires
Enregistrer un commentaire