مذكرات عبسلام
الموسم2
الحلقة11
ما
أن غاب الغلام حتى كان عبسلام يحثُّ خطاه في اتجاه الشمال محاذيا الشاطئ و متجنبا
الظهور للناس، ظِلُّهُ رَفيقُهُ و قد اتّخذ الشمسَ عليه دليلا.
و
لمّا افتقد ظلّه كان يهيم في ظلال غابات "مجنون" بين المستنقعات الآسنة
و ترانيم الناموس و البعوض حتى أدركه التعب و الجوع فجلس على فروة بيضاء مسندا
ظهره إلى جذْعٍ أجردَ و أغمضَ عينيه يغُطّ في النوم.
و
في النّوم خُيّل إليه أن نارا تتوقّد غير
بعيد و صوتٌ من تحته يزجرُه: قم يا عبسلام، قد جعلنا من تحتك سريّا و هزّ إليك
الجذع يسّاقط ثمرا جنيّا، و هذا طائرُ السَّلْوى فأنْضِدْ لحمه على النار
صَلِيًّا.
تملّكَهُ
شعور غريب بالخوف و الفرح فانْدفَعَ إلى العُلّيقة الملتهِبَةِ قُدّامه فجاء منها
بقبَسٍ فإذا الفرْوة البيضاءُ قد اخْضَرّتْ و الجذْعُ يَنِعٌ مُزْهرٌ مثْمرٌ
مثْقَلٌ يَتَدنّى.
فأطلَقَ
عقيرته مُنْشِدا:
قالتْ
سُميّةُ من مدحـ__ـتَ؟ فقلت: راشِدُ ابِْنَ غنّوشِ
لو
تلمحي حالي و كيفَ__ترك الثّرى رأسي كــــــكَرّوشِ
أتُرى
يزيدُ هَوايَ شيْئًا__أو كانَ دَوْمًا محْضَ تحْشيشِ
ثم
هوى ينفخ في الأثافي.
Commentaires
Enregistrer un commentaire