Accéder au contenu principal

 مذكرات عبسلام

الموسم الثاني

الحلقة20

على حافتيْ الطريق تجمهر حشدٌ من الناس لتحية الموكب، و ارتفعت أصوات هنا و هناك بالتكبير تتخللها أصوات استغاثة لم يتبينْ عبسلام كنهها جيدا.
و ما أن أدركوا المُصلّى حتى ضجّ المكان بالصراخ و اختلطت نداءات التلبية بالتكبير بالاستغاثة، و استطاع عبسلام تمييزها هذه المرّة بسهولة.
و في هذا، كان صاحبنا يلازم مقتدى كظلّه حتى أنّ كثيرًا من الأيدي امتدّت له بالسلام أو باللمس طلبا للبركة، و كأنه انزعج قليلا حين طالته يعض الكُفوف تتلمس مؤخرته الزكية لولا أن رآهم بعد ذلك يمررونها على وجوههم و لحاهم فاطمأنّ قلبه و شعر بالفخر و تنزّلت عليه السكينة من كل اتجاه.
و بعد أن أقيمت الصلاة اختلى بالزعيم في مقصورته.
تنحنح الزعيم و حمدل و حوقل و عبسلام على أثره يُردد ما يقول، حتى إذا صلّى و سلّم تبعه عبسلام على مضض، و أسرّها في نفسه.
قال مقتدى:
-اكراما لشيخك و لك، و قد انتهى إلينا أنباء عظيمة من كراماتكم أهل منبليزير، وافقنا على رسالة حبيبنا أبي سُميّة بكل مودّة و رضا، و إنّي رادّك بهدية عسى يفرحُ المؤمنون، فقم معي نتخيّرْ لشيخك عربون محبّة لائق مما أفاء الله علينا، و اندلَفا عبر باب سرّيّ إلى حجرة خلفية يستعصي اكتشافها على مردة الشياطين.
فإذا هي صناديقُ مُصنْدقة حُشِرَ فيها من كلِّ أصفرٍ و أحمرٍ و أخضر قدّرَ عبسلام حملها بألف بعير.
قال عبسلام و قد أعماه البريق و تراقصت في بؤبؤيه خيوط الولَهِ حتّى تخبَّلتْ و سرى الظمأ على شفتيه فمدّ لسانه كضفدع نأت عنه الغدير:
-إنّ الذي أوصل لك هذا لأمين!
-هذا من بركات آل البيت علينا، فتخيّر هديتنا لشيخك و هديتك للكريمة ابنة الكريم الطاهرة البتول.
طاشت يد عبسلام تتخيّر مما ترى و هو يردد " هذه لسمية تناسب الخمار الأسود و هذه للخمار الأزرق و هذه حينَ اللا خمار... و هذه و هذه لحماتي...و هذه لابنة خالتي" و لولا النظرات الثاقبة خلف ظهره لملأ كل شقوقه، ثم ختم طوافه بحزمة من أوراق خضراء، قال "هذه لوعثاء السّفر".
ثم ودّع الزعيمَ و يممَ شطر مكّة على آثار زُبيدة.



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...