مذكرات عبسلام
الموسم2
الحلقة10
غطس عبسلام و فتاهُ في الماء و خَوْذَتا البطيخ
على رأسيهما و بطيخة صغيرة تحيط بكل ذراع. برودة الماء في هذا الصباح المنعش جعلت
عبسلام يرتعش و تصطك أسنانه بينما كان الغلام يسوق بطّيخاتٍ أمامه و قد شدّها إليه
بخيوط.
لو اطلّعت على المشهد من بعيدٍ لرأيت طَرْحَةَ
بَطّيخٍ عائمة كأنها نجت من مركب غرقت عند بعض النتوءات و ظلّت الريح تدفعها بعيدا
نحو الشرق.
و
لبثوا في المخاضة ما شاء الله أن يلبثوا عندما صاح الغلام:
-الشاطئ يا مولاي فانتبه.
كان الليل قد بدأ لتوّه في ابتلاع الأرض لولا
بعضُ نارٍ أوقدها الحرسُ للدفء فبدت مثل منارات بعيدة يهتدي إليها السّاري في
البرّ و البحر.
صاح عبسلام:
-ويحك يا غلام ! إنّ الموج يُكركرنا إلى
حتفنا، فجدّف بيديك و لنبتعدْ عن الحرس.
-يا مولاي، إنها ظُلمات من فوقها ظلمات إذا
أخرجت يدك لم تكد تراها، فاهتدِ بالنور الذي في قلبك.
-فرغت البطاريات عندي يا غلام، فاجعلنا
نعبر هذا الزقاق قبل أن تلتفَّ الساق بالساق، ثمَّ لْيَكُنْ بيني و بينك الفراق، و
إنّك من الأحرار العتاق، أقسمت بالرّزّاق، و بشيخِيَ الأفّاق.
-أعني بالصمت يا مولايَ و أكثر من الدّعاء
فإني أراك من البررة الذين لو أقسموا على الله لأبرّهم.
انشغل عبسلام في ما يحفظ عن شيخه من مأثور
الدّعاء فيما كان الغلام يسحبه إلى أرومة قصبٍ حولَ خليجٍ صغير فتركه هناك و راح
يدفع البطيخات إلى حيث يقف الحرس ليشاغلهم.
و لمّا اطمئن، عاد إلى حيث يكِنُّ عبسلام
فَتَسَحْلَبا عبر الرمال كعظائتين خرجتا للتوّ من المستنقع على حطا داروين.
قال
الفتى:
-قد
بلغت مأمنك و إني أمضي كما وعدتني، فإن اعترضك العدو فقل لهم ما قال واصل بن عطاء.
ثم
تركه و مضى.
Commentaires
Enregistrer un commentaire