مذكرات عبسلام
الموسم2
الحلقة14
عند
الضحى كان عبسلام على قمة الجبل يُشرف ببصره على المدينة و قد فتح ذراعيه و ملأ
صدره من الهواء البارد النقيّ المشحون بالرطوبة و لبث كذلك حينا فبدا كأنّه
يترنّم:
So I'll kiss the air,
And hope
it finds you well.
Goodbye
ثم
جلس على التراب و أغمض عينيه كمن يستطلع المكان بحواسّه الباطنة.
لبث
كذلك دهرا...
إلى
جانبه كانت مغارة و عين ماء كالجمان.
""معروف
أنّ هناك أناسا يبحثون عن الوحدة كالتائبين و الفاشلين و القدّيسين و
الأنبياء"
اليوم
عبسلام كلّ هؤلاء معا.
عبسلام
اليومَ يريد أن يكون أقرب للربّ.
ظل
كذلك مستغرقا في نفسه، ذائبا كلّيا في وجوده، لا يعكّر صفوه شي، جثمان في حالة
وفاة،خَفْقُ قلبه في أدنى مستوى و أنفاسه بالكاد تُرْصد.
ذاب
عبسلام في مقامه الصخري حدّ الفناء مستمتعا بلذّة الحلول الأبدي فكأنّما كلّ
حواسّه في حالة انْعَاظِ شبقيٍّ ما تناهى إلى مُتصّوِّفي العالم قبله، و لن
يفعلوا بعده.
مضت
أيام و عبسلام في حالة هُيام روحيّ و محيطه ملكوته حتى ملّ الانعاظ و كَلَّ حدّ الارتخاء.
ذات
سحر، و بين النوم واليقظة، ظهر له شيخه يستعجله، فتغافل عنه و تظاهر بالانشغال
بالتسبيح حتى اختفى طيفه يَائسا.
عبسلام
لا يشعر بالجوع و لا العطش، أطعمه الله و سقاه، عبسلام أقرب الى الله من نفسه،
عبسلام و من في الجبّة واحد.
نهض
ذات يوم و الشمس تشرق، وقف بكل عظمته و جلاله و صاح:
أفق خفيف الظل هذا السحـــــــــر ....ألا
دع النـــوم و قمْ للسفرْ
أيْ نعمْ! سأنضو هذا الثوبَ عنّي و أمشي
الهوينة، لا مفر.
ثمّ صوّبَ يبغي دار السلام.
Commentaires
Enregistrer un commentaire