مذكرات عبسلام
الموسم 2
الحلقة6
فجأةً،
صاح عبسلام و قد مالَ الغبيط به: عقرتَ بعيري يا غُلامُ، فانزل! بئسَ الرّأيُ
رأيُك، أركَبُ مرحلةً و تركبُ بعْدها، ذلِكَ أقْصى ما يحتَمِل البعير، فسرْ في
ظِلِّه كما سار ابنُ أبي سُفيان في ظلّ وائل بن حُجْر، و لا تسألني نعْليّ فقد
ضننت بهما، و الزمِ الحذَرَ أن تَميحَ بنا
الطّريقُ إلى الهَفْهُوفِ فنَرْدى و عجّلْ فلَنُصلّيَنَّ العصرَ و الظّهرانُ
خلْفَ ظُهورِنا.
و
كانَ الطّريقُ يلْتَمِعُ كالإلِّ في السَّرابِ، و قدْ تباعَدتْ الأحياءُ و نأتْ
بينها الصّحراء، طلْحٌ و سدرٌ و شيءٌ من إثْلٍ قليلو ماؤها غَوْرٌ و لا كلأ
للبعير.
"السّفَرُ
قِطْعَةٌ من عذاب" قال عبسلام.
ذاتَ
صباح و قبلَ أن تُشرقَ الشّمس صاح الغلام: أبْشرْ يا مولايَ! قد أدْرَكْنا حيّا
من تَميم، و ها بعضُ نساءهم على العين.
و
كان عبسلام مُقرفِصًا خَلْفَ الحمادةِ و لمّا يسْتَجْمرْ بَعْد، فنَطَقَ: و منْ
تَميمُ!... ليْسَ الأعاريبُ عند الله من أحدٍ!
ثم
استرجع فاستغفر. و اندفَعَ و سراويلُهُ في خلاخِلِهِ و قدْ هزَّتْه البُشرى.
قال:
لله درّكَ من فتى! لتَدْخُلَنَّ القريةَ راكبًا و لأمسِكنّ البعير من خطْمِه، و
لنسْتَطْعِمَنَّ أهلَ القرية...
Commentaires
Enregistrer un commentaire