مذكرات عبسلام
الموسم2
الحلقة17
نام عبسلام في
السيارة تحميه روح شيخه التي ظلّت ترفرف حوله. كانت الرحلة طويلة جدّا و النعاس
الذي غشيَ عبسلام كان أمَنَةً نَزَلتْ عليه من الأعالي، فما شقَّ عليه السّفر.
حتى أنّه راح
يَشْخَرُ و قد مالت عُنُقُه فوق الكرسيّ.
فجْأةً شعرَ كأنه يطير...
و انتبهَ و قدْ
طاشَ عنه الكرى و إذ مُؤخّرتُهُ في الثّرى و نسيم رطْبٌ برائحة الماء المُتَرقرقِ يُداعبُ ما تناثرَ من شعرات رأسه...
الحقيقةُ أنّ ما
تهيّأ له كانَ صدمة جعلته يفغرُ فاهُ إلى منتهاه حتى أن ذُبابةً كادت أن تضلّ
مسارَها إلى الظلمات.
كان عبسلام
جالسا على مؤخرته بين الرّصافة و الجسر... مشهدٌ أعاده إلى سنوات الجمر، مشهدٌ لن
يُكَرّرَه الزمانُ أبدا.
انقلبَ عبسلام
ساجدا و مكثَ يُجمّع شتات ما يَرى كما أوّلَ مرّة ذات تاسِعٍ من أفريل و عيناه
مُسمّرتانِ أمام صنْدوق الشّيطان...
قال عبسلام:
الأيام دُوَل...
ثم انتصب
واقِفًا، قال:
-لأبدأنَّ جولتي
بالكهرمانة و عصابتها ثم الشارعَ الذي يحمل اسم وطني و منه أتسكّع قليلا هنا و
هناك و لألتحفنّ السماء هذه الليلة أو أتَجَرْهَمَ على بعض الأديرَة و ما أكثرها.
ظلّ عبسلام
يخِيطُ الشّوارع و الأزقّة ينفقُ الساعات بسخاء حتّى حلّ الليل... حينما هتف صوتٌ
عُلْويٌّ النّبَرات: " عج حيث تسمع
أصوات النواقيس__ من جانب الدير تحت الليل بالعيس".
فإذا بضرب النواقيس يتناهى
إلى مسامعه.
Commentaires
Enregistrer un commentaire