الموسم3
الحلقة15
تركنا عبسلام
يتبهنَسُ[1]
بمحاذاة شواطئ وهران و يترنّم بصوت أغنّ:
قعْدوا في الغُرْبه حيارى
و الغربه صعيبه و غدّاره
(أغنية للشاب خالد)
و الغربه صعيبه و غدّاره
(أغنية للشاب خالد)
و ما كاد يأتي عليها حتى لمح
لافتة خُطّ فيها اسم الحيّ "حي المجاهدين"، فاستبشر عبسلام خيرا و
تبارقت عيناه بالسعادة و طنّت الأفكار في رأسه و قد أظلّه الفأل الحسن، و بينما هو
كذلك إذ بدويّ مجلجلٍ يسوطُ السّحاب، و تراءى له نورُ شيخه يتلألأ بالبياض كجبل تكوّم
من بَرَدٍ لو انهال على الأرض لنخرها، أرعد الصّوت: عبسلام! ما هذا التلكؤ يا
عِبْس! ألم نشر لك أن لا تتوقّف حتى تبلغ "زوج بغال[3]"!
أتراك نسيتَ فلم نجد لك عزما! لتركُضنّ حتى تبلُغنّ العامريّة و إلا هلكت، قضينا و
رُفِع القلم.
و همّ النّور أن يتبدد، فصاح
عبسلام مناديا مستعطفا كأنّه يُمسك تلابيبَ الشّبح:
-أتُهلك صهرك و خادمك، قد
تشابهت عليّ العوامر فأفرغْ عليّ رُشدا.
ردد الصوت:
-لات حين مناص، لات حين مناص!
و احتفى مع قرقعة كما بابٍ يغلق.
و جمد عبسلام في مكانه شاردا
صافنا برهة كبعض أصنام الغابرين يُحوّم فكرُه حوله، حتى إذا ركست روحه على شرايينه
انتبه و سمع نفسه يُوشوشُ:
لَمْ يكُنِ
المَجنونُ في حالةٍ__إّلا وَقَد كُنتَ كَما كانا[4]،
يقصد شيخه، "أيريدني هذا الخــ...[5]
أن أرجع إلى بغداد أو الفلوجة! أما رآني الشهر الماضي هناك!
تبّا"
لكنّ عاد يقرصُ يده و يستغفر مخافةَ أن ترصده لاقطات منبليزير[6].
و ظلّ يهيم على وجهه حتى
أدركه التّعب ففاء إلى الظّلّ ينتظر.
و حانت منه التفاتة فإذا
علامة على الطريق تشير إلى العامرية[7]، فكأنّما
فُتّحت أبواب السماء له و ولج في سمّ الخياط، و خرّ ساجدا على خرطومه.
Commentaires
Enregistrer un commentaire