الأخيرة
قد يتخيّل القارئ أن سي عمر الآن يهمز
شكيمة بهيمته و يلهب مؤخرتها بالسوط ليحثها على اللحاق بوحش الفلاه أو قد يتصوره
البعض جالسا يفكّر في طريقة للثأر أو على أقلّ تقدير لاسترجاع أمواله المنهوبة، و
لكن شيئا من هذا لم يكن ليحدث أصلا.
من ناحيتي، لن أسمح للأحداث أن تخرج
عن سياقها المألوف، لا يُقرّ الغبيّ بغبائه حتى و إن عضّ على أصابعه، و إلا لما
كان غبيّا منذ البداية. و لذلك ابتلع سي عمر غصّته و آثر النسيان الصامت على
الفضيحة المجلجلة، و هكذا تسير الأمور غالب الوقت.
أما صاحبنا وحش الفلاه فقد كان
خاليَ الذهن تماما، لنقلْ أن ما يزعجه بعض الشيء هو الأجر الذي سيدفعه لـ
"لحمر".
و ماذا لو لم يدفع له فلسا!
لنعرف ذلك علينا أن نغوص عميقا في
نفس وحش الفلاه أو عم صالح، و لكنّي أفضّل على ذلك منطق الربح و الخسارة ثمّ ترجيح
إحدى الكفّيتين.
لكني أوثر شيئا آخر بدا لي منطقيا
أكثر، أوجزه في كلمات لأغلق هذه النافذة على مشهد من أيام قريةٍ فقدت ظلّها إلى
الأبد.
فتح وحش الفلاه حانوته و جمع
أغراضه الخفيفة في صُرّة كبيرة و حملها إلى بيته يُزامله لحمر، و عاد ينقل الطاولة
و الكرسيّ و الرّفّ المعلّق مستغلا رفقة من كان شريكه و خلوّ الشارع من المارة حتى لم يترك
غير المسامير في الجدران و الغبار على الأرضية. عندها أخرج من جيب الفرملة ورقتين
و سلّمهما لصاحبه و أدار المفتاح و عاد في هدوء إلى بيته.
"لا يضيع شخص لبس جبّة وحش الفلاه"
Commentaires
Enregistrer un commentaire