Accéder au contenu principal

وحش الفلاه 15


دخل وحش الفلاه بهو المعتمدية فوجدها تغصّ بأصحاب العاهات و الحاجات القادمين من النواحي. تأمّل في الوجوه برهة ثمّ تقدّم نحو الحاجب.
كان الحاجب على كرسيّه كملكٍ على عرشه، مال عليه عم صالح موشوشا:
-أريد مقابلة السيد المعتمد لأمر أكيد و مستعجل!
-انتظر دورك يا عم صالح
الكلّ يعرف أن الحاجب صارم في التزامه القوانين، لذلك أسند عم صالح ظهره إلى الحائط و بقيَ ينتظر، أو هكذا بدا للناظر.
الحاجب ابن القرية، و نعرف أمه و أباه و أجداده، فكّر الوحش، لا يليق أن يردّني.
و فعلا، ناداه -من خلف مكتبه المرصوص بالملفات- بإشارة من رأسه، و حين انحنى برأسه ليسمعه، وشوش له أن العيون الكثيرة تترصّد كل شاردة و واردة و من الأفضل أن يعود في غير يوم السوق أو أن يتربّص للمعتمد أمام منزله أو حين يخرج للمقهى.
شكره عم صالح و هم بالمغادرة عندما سمع صوتا يناديه عبر باب المكتب المحاذي لباب الخروج. كان عبد السّلام ابن عمّ سالم ولد الحاج جالسا على المكتب الذي من المفترض أن يكون لجلّول- عدوّه اللدود، و على إثر الحديث فهم أن جلول أحيل إلى التقاعد و أنّه حلّ محلّه بعد تدخّلات من ابن عمّه.
خرج الشيخ و هو يدير الأفكار في رأسه للظفر بلقاء المعتمد، واستدار إلى يساره عبر الأزقّة الجانبية متجنّبا زحمة السوق وراء مكتب إدارة المالية حيث تراءى له سالم ولد الحاج و قد تسلل إلى الخارج ليستنشق سيجارة تريح رأسه من ضجيج معاملات رهن الصّاغة.
لنعد إلى جلّول و وحش الفلاه و نسلّط الضوء على جانب من العداوة المتأصّلة.
سي جلّول موظف قديم يحظى باحترام المسؤولين و تمرّ من بين يديه ملفّات كثيرة، و هو أيضا من خرّيجيّ الزيتونة و لا يُغادر جبّته و عمامته، زد إلى كلّ ما سبق أنه ترب وحش الفلاه و زميل دراسة و جارٌ.
سي جلّول جليس مرغوب في كلّ حلقات الحيّ المترابطة و خاصّة دائرة عم الهادي، لذلك فهو لا يدفع الباڨة[1] مقابل ما يرويه من أخبار رسمية أو لقضاء حاجة قد تأتي.
و فيما رواه سي جلّول أنّ وحش الفلاه تقدّم بطلبين رسميين للجهات الرسمية، الأول كإمام خطيبٍ للجامع القديم الذي تنوي السلطات إعادة فتحه بعد الترميم و الثاني التماسٌ للحصول على رخصة خمّارةٍ في موضع الطبرنة القديم.


 هي المساهمة النقدية في كلفة الشاي الذي يشربه الحاضرون في الحلقة[1]

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...