دخل
وحش الفلاه بهو المعتمدية فوجدها تغصّ بأصحاب العاهات و الحاجات القادمين من
النواحي. تأمّل في الوجوه برهة ثمّ تقدّم نحو الحاجب.
كان
الحاجب على كرسيّه كملكٍ على عرشه، مال عليه عم صالح موشوشا:
-أريد
مقابلة السيد المعتمد لأمر أكيد و مستعجل!
-انتظر
دورك يا عم صالح
الكلّ
يعرف أن الحاجب صارم في التزامه القوانين، لذلك أسند عم صالح ظهره إلى الحائط و
بقيَ ينتظر، أو هكذا بدا للناظر.
الحاجب
ابن القرية، و نعرف أمه و أباه و أجداده، فكّر الوحش، لا يليق أن يردّني.
و
فعلا، ناداه -من خلف مكتبه المرصوص بالملفات- بإشارة من رأسه، و حين انحنى برأسه
ليسمعه، وشوش له أن العيون الكثيرة تترصّد كل شاردة و واردة و من الأفضل أن يعود
في غير يوم السوق أو أن يتربّص للمعتمد أمام منزله أو حين يخرج للمقهى.
شكره
عم صالح و هم بالمغادرة عندما سمع صوتا يناديه عبر باب المكتب المحاذي لباب
الخروج. كان عبد السّلام ابن عمّ سالم ولد الحاج جالسا على المكتب الذي من المفترض
أن يكون لجلّول- عدوّه اللدود، و على إثر الحديث فهم أن جلول أحيل إلى التقاعد و
أنّه حلّ محلّه بعد تدخّلات من ابن عمّه.
خرج
الشيخ و هو يدير الأفكار في رأسه للظفر بلقاء المعتمد، واستدار إلى يساره عبر
الأزقّة الجانبية متجنّبا زحمة السوق وراء مكتب إدارة المالية حيث تراءى له سالم
ولد الحاج و قد تسلل إلى الخارج ليستنشق سيجارة تريح رأسه من ضجيج معاملات رهن الصّاغة.
لنعد
إلى جلّول و وحش الفلاه و نسلّط الضوء على جانب من العداوة المتأصّلة.
سي
جلّول موظف قديم يحظى باحترام المسؤولين و تمرّ من بين يديه ملفّات كثيرة، و هو
أيضا من خرّيجيّ الزيتونة و لا يُغادر جبّته و عمامته، زد إلى كلّ ما سبق أنه ترب
وحش الفلاه و زميل دراسة و جارٌ.
سي
جلّول جليس مرغوب في كلّ حلقات الحيّ المترابطة و خاصّة دائرة عم الهادي، لذلك فهو
لا يدفع الباڨة[1] مقابل ما يرويه من أخبار
رسمية أو لقضاء حاجة قد تأتي.
و
فيما رواه سي جلّول أنّ وحش الفلاه تقدّم بطلبين رسميين للجهات الرسمية، الأول
كإمام خطيبٍ للجامع القديم الذي تنوي السلطات إعادة فتحه بعد الترميم و الثاني
التماسٌ للحصول على رخصة خمّارةٍ في موضع الطبرنة القديم.
Commentaires
Enregistrer un commentaire