تناهى إلى مسامع سي ڨدّور
ذات قيلولة في المسجد أن التدخين حرام، و راح يلقي على جلاّسه المتوسّدين مرافقهم
ما حدّثه به الحاج الطّيب. و الحاج الطّيب سيصبح ذات يوم الإمام الخطيب للجامع
الذي تنوي الإدارة إعادة بعثه، أمرٌ سيجعل وحش الفلاه يموت بغيظه.
قال
الحاج الطيّب أنه سمع إمام الحرم يخطبُ و الدّموع تنهمر من عينيه و الكلمات تخرج
من بين أسنانه كسهام مُريّشةٍ باللهب فتشعلُ قلوب الحاضرين بالإيمان و تغرقهم في
الدموع، و أنه سمع و وعى، حرّم الإمام السجائر صناعةً و بيعا و استهلاكا، و ساق في
ذلك أدلّة شرعية واضحة.
بالنّسبة
لإمامنا لم تكن الأدلة الشرعية تعني شيئا بقدر ما كان الإزعاج الذي أضحت تسببه له
سجائر يومه الثلاث، من ذلك البُحّة التي ما فتئت تشوّه صوته الجميل و نوبات
السّعال الصباحية المتكرّرة لذلك اتخذ ما سمعه حجّة و مثابةً يستند إليها. فملأ
جيوبه بحلوى النّعناع في خطوة أولى للإقلاع، ثم، في سنوات قادمة، تصبح ألواحا من
الشكولاطة و سيتزلّف إليه بعضهم من خلالها لسماعٍ ترتيلٍ مؤثّرٍ أو سورةٍ طويلة أو
أذان متأنٍّ أو لغض الطرف عن اجتماع لبعض "الإخوة" بين العصرين أو
لإحياء سُنّة المَلَّةِ...
لم تكن
هذه الأنشطة المنبعثة من الماضي تروقه كثيرا، ليس خوفا من المراقبة التي بدأت
تتعاظم، فهو بينه و بين نفسه فوق الشبهات، و لكن لما فيها من مظاهر غريبة لم
يألفها، فقبض اليدين في الصلاة بدعة و رفع اليدين بالتكبير في غير الأولى عمل من
الشيطان، و التشهّد بعقد الواحد و الخمسين (مدّ السبّابة و تدوير الوسطى على
الإبهام) يغضب سيّدنا عليّ كرّم الله وجهه و يفرح إبليس اللعين، و لذلك نصّب نفسه
حاميّا للمأثور من انتهاكات الجاهلين الذين لا يؤمنون بمالك رحمه الله و من لا
يتبع مالكا فقد قارب الكفر.
و
يشاطره الحاضرون الرأي بهزّات من رؤوسهم و إن بدا تحريم السجائر فكرة سخيفة تجعل
أحدهم يغيّر مجرى الحديث إلى تأخّر أمطار الخريف و بالتالي توقّع سنة جفاف جديدة.
Commentaires
Enregistrer un commentaire