بعد أن وخزني الدبّور رحت أطلب
بعض الثوم دواء قيل أنه شافٍ من الحشرات السّامّة و الزّنابر الهامّة، و ما أن
عثرتُ على سِنّةٍ حتى طفقت أدلك بها موضع الإبرة، و أثر الحُمرة حتى عادت رائحتى
سائر يومي ذاك خبيثة و أثوابي نبيثة فلم تقربني الملائكة حتى شُفيت فأهرقت على رأسي ذَنوبا
أو ذَنوبين و جردلا أسبغُ به الغسل ثم أصبتُ شيئا من العطرشاه و خرجت أنظر في
رزقي.
و ما أن أسدل الليل رداءه و تورّك
حتى كنت متناه في غفوتي مضطجعا شقّيَ الأيمن و يمنايَ تُمسك أذني من تحتها و
يُسرايَ لا أدري أين تبيت.
و رأيت فيما يرى القلب و تبصر
البصيرة أني أتصدّر مجلسا حضره إخوان الهيئة تحيطنا الجنان و تضللنا الورود و تجري
الأنهار من تحتنا و تبرق الكأس مع الأباريق على الأفاريق و يسعى بينا المخلّدون و القاصرات
البيضُ و عند كلّ بوّابة أزبّ الساعدين غضنفر يراقب كل شاردة و واردة و يحفظ
المكان من كلّ مندسّ جاء يتجسس أو متطفّل توارى يتلصص.
قلت: يا بيض الوجوه يا خيرَ نَديّ،
قد جمعتكم لأمر جنيفٍ، لا يقدر عله إلا كلّ غِطريف، حرٍّ بعد ذلك مُنيف، كريم
الكفّ لطيف، ألا فاعلموا أنّ لكم إخوانا، قد ذاقوا مُرّا و هوانا، ألْقوا في
داحِسِ الغَيابات، حيث اللهب كالجِمالات، و الدّخان موجاتٌ تترى و موجات، و قد
بعثوا يستصرخون، فهل أنتم مُمِدّون؟
و هاج الحضور و ماجوا و استووْا و
عاجوا و قد أخذتهم الحميّة، و لوّحوا بقبضات طريّة، و صاح أحدهم لبّيك يا رئيس،
خضْ بنا إن شئت ذاك الهسيس، فإنا صبْرٌ عند اللقاء، صدق ما حلّ البلاء، لا جُلّدٌ لا
فسّاء، فاستعرض بنا العدم، و استفتح بنا الظّلم، أسودٌ لا غنم، إليّ لامتي و ترسي!
و قمت من نومي ضاحكا فإذا هو يومٌ
آخر.
Commentaires
Enregistrer un commentaire