عندما حشروا أنفسهم في السيّارتين و انطلقوا لمحوا سيارة الدورية تتوقّف على حافّة الطريق، ربّما شك الأعوان في شيء لكن فات أوان المطاردة، بإمكانهم التربّص حتى مرّة قادمة. استدارت السيارتان عبر أزقّة متفرّعة في حيٍّ شعبيّ و توقّفوا خلف الجامع أين نزل صاحب الفكرة ليطرق بابا جانبيا تنبعث من أسفله بعض أضواء باهتة ثم غاب لحظات تفاوض فيها مع المزوّد و منها عاد نصف مترنّح ليجلس داخل السيارة.
لم يطل الانتظار طويلا .، أطلّ الرجل دافعا الباب و
مشى في الزقاق خطوتين مقلبا بصره هنا و هناك و منها عاد فدخل بابا آخر. حين ظهر
ثانية كان يشير إلى السيارتين بالاقتراب لحجب الرؤية أوّلا و لإخراج بضاعتهم
بأنفسهم. حشروا المقتنيات بين أقدامهم مفرّقة بين العربتين و انطلقوا عبر زقاق آخر
نافذٍ مما اضطرّ السائقين إلى التّحرّك في الاتّجاه الخلفي فأحدث ذلك دويّا و
طقطقة مزعجةً. هذا بالضبط ما كنا نتحدّث عنه! صدفة قد تغيّر حياتك.
حين صارت السيارتان في الاتجاه السّوي كانت منية تقف في
الباب. ربما جلبها الدّويّ فخرجت تستطلع، ما يهمّنا هو أن السائق النصف أصلع تربطه
بها علاقة سابقة و رقم هاتفها مسجّلٌ عنده، و هذا يعني أنه من بين القلّة المرضيّ
عنهم.
الصدفة تمنعني من خلق عقدة هنا، كما أنه ليس
باستطاعتي تغيير الحقيقة، حين تململوا في مقاعدهم تفسّحت بقعة من فراغ قيد شبر بين
الجاموسة و الباب، و حين صعدت منية كانت عمليّا جالسة في حجره إن صحّ الوصف، لأن
تكوّر بطنه يمتدّ حتى نصف فخذيه، غير أن بطنه لعبت دور ممتصّ الصدمات في تلك
الطريق المحفّرة. ظلّت طول المسافة حتى منزل الرّفيق تمسك بيديها القويتين طرف
الكرسي الأمامي بينما لم يجرأ الجاموسة على تحريك يديه رغم نشوة الجعة الرّاغية في
رأسه.
Commentaires
Enregistrer un commentaire