Accéder au contenu principal

مذكرات عبسلام 21


الموسم3
الحلقة 21
و صاح الملك: احملوه بلطف و ترفّقوا، فإنّ بيننا و بينهم عهدا، و لا تغفلوا، فإنّه مؤيَّدٌ بشيخٍ يده تُجمّدُ الماء و تخطف أسنان الكلب إذا همّ بالنّباح.
أما عبسلام فكانت روحه في عالم البرزخ تنهل من معين الرؤى و تستجمّ في بحار الملكوت.
و في القصر المرصود مَدّدوه على بلاطة من رُخامٍ نضيد تتوسّط قاعة الحكم و تحلّقت نخبةٌ من الصّناديد حوله يحصون تقلّباته و يستعجلون صحوته.
تصدّر الملك عرشَهُ و قد بدت ملامحُ الضّيق جليّةً في قسمات وجهه، و عن يمينه زوجته غارقة في دموعها و قد شعثَ شعرها فبدا كزرْعٍ نَفَشَتْ فيه غَنَمُ القوم و بين الفينة و الأخرى تصدُر عنها آهةٌ عميقة و وَلْوَلَةٌ تقشعرّ لها المُهج و تذوبُ منها أفئدة الصّخر.
صاحت المرآة: وا بُنيّتاه، وا وحيدتي، وا كبدي، غرّرَ بها هذا الفاني فأصابتها لعنة البشر، وا بنيّتي! من يُعيد إليَّ وحيدتي!
و كان الوزير و معه مجموعة من مشائخ الجنّ و حكمائهم على قدم و ساق يتباحثون موضوع ابنة الملك و يتجادلون و قد بدا عليهم الإرهاق و السأم.
قال أحدهم و قد خلع طيلسانه: لا أجد فيما لديّ شيئا غير نكْح الجاني تعزيرا على الملإ.
قال آخر: بل نستلّ روحه و نرسلها إلى جهنّم.
و بينما هم كذلك إذ تململَ عبسلام و تقلّبَ بُرهةً ثم عطس ثلاثا و تنحنح حينا فكأنّما صبَّ وعيُهُ في وعائه حتى إذا تقطّرَ فامتلأ فتح عينيه ثم حوقل و حمدل و انتصبَ يُجيلُ بصرَهُ في المكان.
و طوّقه العضاريط متأهّبين للنّكحِ، و كادوا يُشهرون رماحهم لو لا أن صرخ عبسلام و انتصبَ خطيبا فوق مسطبته:
-ما بالكم يا قوم! أأنتم مُتْلِفيَّ و أنا رسولُ الشّيخِ إليكم! أهكذا أخلاق الملوك! ألئن أسأتُ في حقّكُم يومًا قمتم تردّون السّيئة بأسوأ منها؟ أما قرأتم قول الله: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنّه وليٌّ حميم"، ألا والله إني هو المعنيّ و كأنّها نزلت فيّ! فهل أنتم محسنون!
و صاح الملك: أشهد لئنّك عبسلام، نغفرْ لك إن شَفيْتَ كريمتنا.
قال:
-أنا جذيلها المحكك، إليّ بها!
-إنّها فاقدةُ الوعيِ مذْ ذاك الضّحى فهي مُسجّاةٌ في خدرها لا تنبُسُ و لا تتحرّك.
و همّوا أن يقوده إلى جناحها ثم نُكُسوا على رؤوسهم لقد علمت يا عبسلام أنه لا يَحْيَ الموتى.
قال عبسلام:
شيخي عنده علم الكتاب، فهل أنتمْ حامِلونِ!
و دخلوا عليها الصّرح و وقفوا خلف حجاب.





Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...