منذ عشر سنوات و هو يتعرّج مع الطّريق، قاد جميع أنواع السيارات و الشاحنات و خاط الحدّ بالحدّ و جاب مسالك الصّحراء حتى الكُفرة و لربما عبر منها إلى التشاد. اعتبره الجميع أمينا في القيادة فتنافسوا على الفوز بخدماته و أودعوه أموالهم و كان أمينا حقّا. كثيرا ما احتضن المقود و نام و في ليالي القيظ يفترشُ شيئا إلى جانب العربة و ينام، لعلّ طبيعة العمل هي التي أعطت الشكل الحالي لبطنه و مؤخرته.
قضى أياما بين الإيقاف و السجن و في كلّ مرّة يخرج
بتدخّلات، و كانت أسباب السَّجن واحدة: حمل ممنوعات.
رغم الشقاء بين الشمس و المطر و البرد و المبيت في
العراء فهو لا يشتكي. و كلّما أناخ سارع للبحث عن قناني الجعة حتى صار يعرف جميع
المزوّدين في المدن كما في مداشر الغرب الشاهقة أو في قرى الجنوب النائية.
في السنوات التي تلت الثورة و تمتين العلاقات مع الليبين
هنا و هناك جرّب الزطلة، دخّنها باحثا عن السّعادة و باعها لطلاّبها، و في تلك
الليالي تفطّن لوجود شيء اسمه منية.
الكلّ يُسمّيها "العاهرة النظيفة". لا أعتقد
أنّ صفة النظافة تتعلّق بالجسد، هي جميلة الوجه جدّا بشعر مقصوص و بها شيء من
الطول يناسب امتلاء جسدها و البنية الرياضية التي تتمتع بها، و باستثناء سفور
شعرها فهي لا تتغنّج و لا تتزين و لا تكشف شيئا من جسدها.
Commentaires
Enregistrer un commentaire