الموسم3
الحلقة16
جمع أغراضه القليلة و
غادر و لسانه يلهج بالحمد حتى غدا على حافّة الطريق.
كان الطّريق خاليا إلا
من بعض سيّارات مسرعة لا تتوقّف، و عن شماله يمتدّ الملح في قيعانه متلألئا كنجوم
سالتْ من مآقي السماء فرقا على حاله.
أخذه المشهد حدّ
الاندهاش فراح يدبّ على مَهَلٍ بمحاذاة الشاطئ و يردد:
أخَدُّكِ هذا يا ابنةَ
الشّيخ يبرُقُ!
إذا ما النّسيمُ هبّ و
الفجر يُشرقُ!
ملكتِ فؤادي منذُ كان وِصالُك
فيا ليتني في ماء ثغرك
أغرَقُ
و ظلّ كذلك ساهما لا يعي
ما حوله و قد أخذه الشوق فلم ينتبهْ لدورية الحرس تستوقفه.
قال عبسلام:
أنا رسول الشيخ فلا يغرّنّكم
أسمالي و شعثي و حذائي الذي يشبه ثغرها المتبسّم... أرسل إشارة إلى رئيسك و اعلم أنّكَ
مُسخّرٌ لي بموجب الإيلاف الذي بين شيخي و رئيسك.
كاد الحرس أن يهمّوا به
في ذلك الخلاء المدقع لو أن حشرج البوق في السيارة و إذا هو الوزير يستحثّهم أن يعثروا
على عبسلام و أن يكونوا في خدمته حتى آخر نقطة البلاد.
و كاد الحرس أن يخرّوا
صَعَقًا...
و على أبواب العامرية طلب
منهم أن ينصرفوا، فلا حاجة له بهم.
و كان الوقت ضُحى.
و في القرية
راح يرصد الإشارات حتى قادته حواسه المستنفرة إلى مكان بين ثلاث مساجد حيث كان دَفَقُ
الذبذبات أشدّ، قال "هذا من فضل ربي" و جلس على مقعد في الظلّ عند شجرة حورٍ
دانية و راح يستدعي ما عنده من طاقة ليخاطر شيخه في جبل اللذة.
لم ينتبه عبسلام
للاقط المنتصب أعلى مركز البريد.
Commentaires
Enregistrer un commentaire