الموسم3
الحلقة 23
في
الخارج، حيث كان الملك و حاشيته يرقبون خبر السماء و أعناقهم مشرئبّةٌ تطاول
الأعالي، حطّت حمامتان زرقاوان على فنَنٍ قريبٍ ثم تسافدتا.
صاح
الملك:
-تبّا!
هذان ملكان متجسّدان، أدركي ابنتك يا امرأة! إنّهما يتناكحان الأن في المخدع!
و أطلقت
المرأة زغرودةً اخترقت صمت الوادي، بينما انقضّت الجارية رتاج تعانق الملكة و قد
هزّها الفرح فانتشت حتى كاد يسقط عنها رداؤها.
و كاد
يُغمى على الوزير و شيوخه و راحوا يتساءلون عن القدرة الخارقة التي يملكها هذا
الفاني، و تغلغل الحسد في قلوبهم حتى ران عليها و بيّتوا له أمرا.
قال صاحب
الطيلسان يخاطب الملك:
-مولاي!
وجب نكحه مرّتين في السّاحة يوم السوق، تلك حدود الله فلا تعتدوها، و اعلم يا
مولايَ أنّ اقامة حدٍّ من حدود الله خيرٌ من أن تُمتطر سبعينَ خريفا، فالحزم يا
مولاي و لا يغرّنّكم نجاة كريمتكم ألاّ تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى.
أدرك
الملك القصد فأضمرها في نفسه و نوى أن يعاقب الطرفين لاحقا فوعده بالنظر في الأمر، و أسرع يطرق الباب يستعجل إخراجهما من الخدر.
و حين
عُرّجَ البابُ بدا له جليّا أنّ قميص عبسلام قدّ من قبُل بينما كانت كريمته تلُمّ
شعثها بتكاسل و عيناها تتبارقان من أثر السعادة.
و ارتمت الأمّ
تعانق ابنتها و تتحسسها و تطلق الزغاريد و قد عجّلت الوصيفات فأحرقن البخور و أشعلن
الشموع و بدأن في ضرب الدّفوف.
قال الملك:
-تالله إنّها
لآيات، كيف نوفّيك حقّك يا عبسلام؟!
-لا نريد جزاءا
و لا شكورا إنما جزائي عند الله خير و أبقى، فلا تحمل همّا يا مولاي، و هل جزاء الإحسان
إلا الإحسان!
ثمّ بدا للملك
من بعد الآيات ليسجُنَنَّهُ حتى حين، و أودع السّجن.
و في دركاتٍ
لا يصلها الضوء و لا الإشارات تسللت إشارة من جبل اللذّة حتى أدركت عبسلام ذات منام.
Commentaires
Enregistrer un commentaire