الموسم3
الحلقة 24
تقطّع حبل
الرؤيا و تلوّى و استدقّ حتى تماسك من بعدُ و اتّصل و منها عاد كابزيمٍ (1) ممدود تتوهّج خلاله أليافٌ من زجاج ثمّ بصَقَ ما حملَ في
وعاءِ دماغ عبسلام الباطن.
كانت البرقية
واضحة بقدَر ما سمح بها دفَقُ الألياف الأثيرية المنهكة يعد ما نفذت خلال تلك
الأسوار المتينة:
"أنت
الدوائرُ و المدارْ
أنت
المُحاصَر و الحصار
أنت البُحيْرَةُ
و البِحارْ
أنت المسافر و المسار
فاتبعْ
نسائمَ في الجدارْ
لو كنت تدري
كُورُندارْ (2)
يا
عبسلام، إنّ القوم مكروا مكرهم و أعرضوا و إنّهم لجاهلون، و لنقطعنّ دابرهم
مُصبحين، فاصبر، و إنّ الصبح قريب".
و انقطع
الاتصال و كأنّ الابزيم سُلّ فجأةً من رأس
الصَمّام الموصول إلى صدغ عبسلام، فأحدث ذلك تشْتَشَةً و علا رأسه شيء كالرَّهج
تلته انقباضةٌ في صدر عبسلام و حسرةٌ كاد يكون لها نوء في العين لولا جُنَّةُ
النّوم.
و تململ
في مرقده و قد تغشّى المكانَ ألُف سلام.
في
الأعالي، بين فجاج الوادي، توافدت أعاصير الرّياح يأزّ بعضها بعضا بفعل منخفض جوّي
استقرّ فجأة فوق الصخور فبدا كأنّه ثُقبٌ يسحب إليه كلّ شيء.
و انتصب عبسلام
في حلكة الداموس إلا من نور قلبه و هو يردد:
-كُرُنْدار
كوروندار كرندار
ما هذا
اللغز! تبّا لهذا الشيخ، لقد أصابه الوهن و آن الأوان للانقلاب عليه، لن أعدم طبيبا
يشهد أنه خَرِفٌ و فاقدُ الأهلية.
و فجأةً، أحسّ
عبسلام بتيّارٍ من الهواء البارد يسطعه على جبهته و سمع صفير الريح يَخْرُق أذنيه و هبّ واقفا.
و في ظلمات من فوقها ظلمات راح يتحسس منبع الهواء.
Commentaires
Enregistrer un commentaire