و مرّ ذاك اليوم كالأمل، و أقبل الليل و حلّ، و كلّ حديثنا عسل. و لمّا مُلئت المحاجر بالنّعاس، و رقص في السّقف النُّواس، تزمّلتُ بالبجاد و أسلمت جنبي للرّقاد، و أرخيتُ للروح القياد، حتى صارت إلى البرزخ، تمرح حينا أو تربخ، عساها تأتيني بالرّؤى و من خبرِ الورى... و ما لبثت أن ارتدّت بالخبر، و لكلّ نبإٍ مستقر... و هكذا انفتح المسرح على الشيخ يصرخ، و يستنفر النّفوس، و يُحرّض الخميس. و سار كلّ إلى وجهته عاضّا على وذْرَته، و الشرر يتّقد في العيون، و المِعى تُقرقر في البطون، حتى بلغ كُلٌّ مكانه، و أناخ و ألقى جرانه، خانسًا يترصّد، و العرقُ يتفصّد، حتّى كانت الإشارة، فشُنّت الغارة. فبادر قوم لإشْغَال النواطير، بالرّقص و الصّفير، و زُمرةٌ من أصحاب الجدال، انهالوا عليهم بالسؤال، و لَجّوا في المقال، و ثُلّةٌ بَرعت في الشّغب، توارت بين القُضب، لتقذفَ الغَفَرَ بالحصب... حتى إذا تشتت اهتمامهم و زاغت من العسس أبصارهم، قرّر غلام الرّئيس العبور، إلى أُسُسِ السّور، و أشهر النّاقور... و دام الطرق بُرهة، حتى اتّسعت الحفرة، و أفضت إلى الشّفير، و نار السّعير. عندها اندفع أصحابنا مارقين، و نجوا...