Accéder au contenu principal

في رُبى الجنان 7


خمدتْ أنفاس النار و تفرّق من حولها السّمّار، و عن نفسي، فقد آويت إلى الدّثار، بعدَ أن قضيْتُ السّنّة في نفضِ الغبار، بطرفِ الإزار. و ما أن لسعني برد الفراشِ بسياطه، حتى غمرني الدّفء بهناءه و حلّ النّوم في المفاصل، و أطبَقتْ الرّموش الذوابل.

و إن نامت العين فإنّ قلب المؤمن لا ينام، و حبل الوصل مشدود الزّمام، فاخترقتُ حجاب النّور إلى حياة السّعادة و الحبور، و رأيتني أعبثُ بالسّماط، على ظهر البساط و قد لاحت السّوق أمامي و تناهى إليّ ،منها، صخبُ الكلام. فترجّلت عن الصُّهى، إلى نديِّ الثرى، ثم طويتُ الخرقة على عاتقي كفاليجة على سنام بعير، و تقدّمت أسير، فإذا هي تخفقُ في سمائها البنود، و تتمايس في زحامها القدود، و لافتة مكتوبٌ فيها: "لا تنسَ دعاء السوق" و أخرى تستعيذ من الفسوق، و غيرها مما سنّ ابنُ الفاروق و لهجت به الحلوق. فرحتُ أتمشّى بين النُّصب، و فيها من كلّ عجب، و في ظنّي أنها مما طرحت حدائق النعيم، و فاضت عن كلّ مُقيم، و مما صنعت أيادي الحور و ربّات الخدور، فسألت أحد الباعة، عن سرّ الصناعة، و مصدر كلّ بضاعة، فقال: لعلّكَ من هيئة الحسبة! أو أعلاهم في الرّتبة! إنّ كلّ هذا من ما -لي، لأنفق على عيالي، فخذْ لك منه هدية، و جنّبني الرّزية، فتركته و انصرفت، أتمتمُ باللطف. و إذا أحد التجّار قد تعلّق بطرف الإزار: عندي لك بضاعة، مما ورد السّاعة! تِذكارٌ من بئرِ بلا قرار! من دركات جهنّم، فابتعْها تغنم! هذي عظامٌ مُؤْصده، بنارِ الحُطَمه، و هذه أمعاءٌ بالية، سُقيتْ من عينٍ آنيَه، و تلك بقيّةُ جلود، نضجت على حصَبٍ منضود، و هذا لسانُ الملك الطّريد، و هذا خنجرُ الوليد، و إن شئت جئتك بكعب شيبَةَ الحمد مغلولا في القيد، أو لحية كسيلة البربريّ و شعر الكاهنة المخمليّ، تُجْلَبُ عبر أحقاف، خلالَ سور الأعراف. فغادرته و أمعائي تُقرقر، و نفْسي من لهاثها تُصفّر، و ابتعدت قدرَ المستطاع حتى كدت أبلغ الباب، فإذا المنادي يصرخُ للرّكوع، فقمت أنتفضُ كالمخلوع.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...