اختصر الطريق إلى السوق عبر أزقّة جانبية و قد تغبّرت بلغته و تسلّلت بعض حُصيّات بين اصابع قدميه دفعته إلى قذف بعض الشتائم من بين رباعيتيه أفزعت قطّا كان يواري سوأته نبشًا في كومة كُناسةٍ من تراب أسفل عتبةَ بابٍ مفتوح.
في بطحاء السوق –قبل أن ينتصب
وسطها تمثالٌ نُحاسيٌّ لتلميذ يتأبّطُ خُرجا – رُكنت، كما اتّفقَ عربات أسْدلتْ
حميرُها آذانها و غفت واقفةً فقليلا ما نشّت أذنابُها ذُبابًا ما فتأ عطْشانا أبد
الدهر.
على العربات غلالٌ عجفاء و خضر و
بقول مما نزح البئرُ أو ما مسكت رؤوس الماء فيما نَقَعَ السّيل و دجاج هزيل تُركَ
يسرحُ على وجهه و وجه الأرض و أرانب شُهبٌ و شُخْمٌ نجت من جدب سنةٍ شخماء، طاف
بينها عم صالح يتذوّق من سلال القصب أو صناديق الخشب كالمُقلّب للشراء، حتى إذا
وصل لطرحة من بطيخ و دلاّع نقَرَ قادوسًا بطرف قدمه و انحنى ليلتقطَ فقّوسةً في
طول ذراع، قال:
-بكم ولد الڨمرة يا سي فرج؟
-فرشكة يا عم صالح، شوف
عنقودها...
مضى وحش الفلاة و هو يقول بصوت
مسموع:
-بين الما و الفقّوس كان تحريك
الزروس.
و الفقّوسة في يده، و غاب في
الزّحام تاركا سي فرج يجترّ لعناته الألف.
"أشبعنا الحائرةَ بعون الله،
نتوكّل على الله و نفتح المحلّ" و رفع يده محيّا لفيفًا من لا عبي الخربڨة
عند الناصية.
دخل حانوته بساقه اليمنى و علّق
الجبة في أحد خطاطيف المرفع ثم قرّب مصطبةَ صغيرة رَفَدَ عليها قدميه و استلقى على كرسيّيه و الكبّوس القرمزيّ
مائلا على أرنبة أنفه، و استرخى.
استرخى ينتظر.
يتبع
Commentaires
Enregistrer un commentaire