تدقّ
القيلولة أوتادها للمقام.
خيط الظلّ
عند عتبةِ الحانوت كشريانٍ أسمرَ يزداد سمنا كأنّه يتغذّى مباشرةً من وَهجِ الشمس،
و الأجسادُ تتلبَّطُ بين مسامِّ تنِزُّ و
ذبابٍ يئزُّ.
هزّ وحش
الفلاه كبّوسه بيمناه يحرّكُ هواءً و يطردُ ذبابًا بينما يسراه تآزِرُ رقبته حذَرَ
الوقوع، و بنصفِ عينٍ راقَبَ انزلاقَ الفيء. انتصف النهّارُ. و أطبق جفنه.
سمع وقع
خطوات فحرّكَ أذنيه و أصغى... أوه، هذا سالم ولد الحاج يكرّ شلاكته البلاستيك
عائدا من عمله الإداري، فمَرْوحَ بيده على جبينه و عاد لغفوةٍ قَلِقَة.
بدأ نسيج
الخيبة يلُفّه و نشيج اليأس يدبّ في أوصاله كالحمّى و قطرات العرق تُغرقه حتى أنفه
في بحرٍ من الضياع.
"لا
يمكن، مستحيل" قال، و هو الخبير في الحلّ و العقد. "لا بدّ أن شيئا حال
دون نجاح الخطة". و كادت عينه تدمع من الحسرة لولا وقعُ حافِرٍ بعيدٍ على
الإسفلت يتردّدُ صداه في الصمت المريب.
و بين
الشكّ و اليقين و اليأس و الرجاء بدت له اللحظات مقعَدَةً بلا دواليب، و الصّدى
يقتربُ و يتغوّلُ حتى كأنّهُ يلتهمُ الكون بأسره و يلْفظهُ ثِقَلا مُكوّرا على
صدره الواهي.
-كُنْ سي
عُمر!
قالها
بينَ أسنانه، و استطال برقبته يستبق ظلَّ القادم.
عرف
البهيمة بأذنها المشرومة فارتدّ برأسه و تظاهر بالنوم و ابتسامة تتوارى تحت جفنيه.
لفّ سي
عمر الشّكيمة حول رقبة الأتان بحركة مضطربة و ارتمى كمن يسقط في بئر من الظلام.
انتقل
الحمار ليحاذيَ الجدار الشرقيَّ متقيا نار الشمس المسكوبة في حين تناهى صوت سي عمر
مختلطا بلُهاثه المتقطّع إلى أبعد من سور أطلال القصر المراكشيِّ غربا.
-يا عم
صالح يا عم صالح قوم يرحم والديك...
Commentaires
Enregistrer un commentaire