منذ بداية الجلسة كانت يدا الأصلع تطيشان هنا و هناك تتلمّسان جسد منية، قد تبدو الحركات مُسْتفزّةً لكنها في عينيْ فاعلها و في ظروف وعيه شكل من الرومنسية الرقيقة و رقصة حبّ يقوم بها الفحل لاستثارة أنثاه. هذه المشهد لم يغب عن الآخرين، لكن للمجالس قوانينها و آدابها الرّفيعة، و السّكير المحترم هو آخر من يكسر القواعد. يقول القانون الغير مكتوب أنّ صاحب الشّيء هو أوّل من يتمتّع به ثم الأقرب فالأقرب مع أولوية إكرام الضيف و الكبار في السنّ و المقام، و من يخرق القانون يُتهم بفقدان الرّجولة، تهمة أثقل من جبل يُبذل في سبيل محوها الغالي و النّفيس. للصعاليك أخلاق و آداب، و أن لا تُعجب البعض فإمّا لجهلٍ بها أو لأفكارٍ سابقة، و في الحالتين فهي موجودة و شكّلت عبر التاريخ لَبِنات لثقافات و ثورات و حتّى أنظمة دُول. ظلّت منية تقاوم عبثه إلى حين، متجاهلة يده و نظرات الآخرين دون أن تُغفل الجاموسة، و لعلّ شيئا حزّ في نفوس من أُسْعِفً بومضة إدراك فشعروا بخفقَةِ غيرَة سرعان ما تغرق في أمواج النّشوة الدافئة. الجاموسة بدوره لم يكن غافلا، يختفي خلف عبوة البيرّة و سيجارة المارلبورو الأصلية، ظلّ يقظا لأمر...