Accéder au contenu principal

سفر الخروج 15

 Fiction
15-
حين عدت إلى الطاولة كان الفنجان في يدي باردا و كانت مريم قد أغلقت الكتاب للتوّ.
كان من السهل أن تخمّن اسمي، لا شكّ أنّ يوشع شرح لك موضوع الأسماء هنا، بالمناسبة، هل تخيّرت اسما مناسبا؟
-أظن أني لا زلت أفضّل اسمي، لازلت أريد البقاء على الأرض، ربّما تتغيّر الفكرة، تعرفين لا شيء يثبت.
في الخارج استرخى القمر منهكا على بساط من غيم ليحمله إلى ما وراء الأفق و ساد المكان ظلام في حلكة الحبر راح يلتهم بنهم نور الشارع الأصفر و يقتحم مدفوعا بنسمات باردة نافذة المكتبة و رغبة جارفة أن يستحيل لطخة داكنة على الرفوف.
برفق، كأنها كرهت أن يشعر المقعد بالوحدة فيصدر أزيز الألم نهضت مريم مخلفة طيفا من عطر وراءها لتردّ جحافل الظلام الغازية. حين أوصدت النافذة انعكس نور المصباح المعلّق في السقف على الزجاج ليغمر المكان مرفوقا بلفحة دفء مخدِّرة، و بدت مريم بقميصها الأبيض في انعكاس النور كالبدر أحاط به حرس قوس قزح.
-رأيت أنكم تحصلون على الكثير من الإصدارات الجديدة، كنت أحسب أنكم قطعتم نهائيا مع العالم.
قلت مستفسرا في محاولة خلق حديث.
جاء ردها جدّا و هادئا، التفتت نحوي و لفّت ساقها اليسرى على اليمنى ثم فتحت كفيها في الهواء أمامها و أطبقت رموشها السوداء الطويلة  و سرحة لحظات ببصرها نحو النافذة كأنها تحضر خطبة  ثم جمعت شفتيها حين همت لتبسّط لي الموضوع:
-لا يمكن الانفصال عن الآخرين هكذا دفعة واحدة، صحيح أننا حققنا اكتفاء في ما تنتجه الأرض و في بعض قطع الغيار البسيطة، لكننا نحتاج إلى التزود بالتكنلوجيا و الكثير من الآلات الدقيقة المتطورة و الملابس و الطعام، و نحتاج أيضا للحصول على المال من الداعمين، لذلك نحيط أنشطتنا بالكتمان التام لنتمكّن من متابعة العمل و البقاء خارج فوضى الحروب، و نحن نتقدّم بخطى سريعة. ربما شهر آخر و تقلع المركبة. لهذا أنت هنا.
أصغيت باهتمام متأمّلا كيف تنساب الحروف من فمها مخدِّرة، تضيق شفتاها لحظة ثم تتسعان في تناسق مع تلك الرموش الساحرة يجعل المستمع  مشدودا بخيوط لا تُرى فلا يملك إلا متابعة تلك القسمات طائعا مسلّما.
-و موسى؟ قلت.

-موسى مثل شاعر تهدهده أجنحة الحلم فيتوقّد الغرور في كلّ خلايا جسمه، في كلّ مرة عليّ أن أدركه بأطواق النجاة. 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...