Accéder au contenu principal

سفر الخروج 13

 Fiction
13-
تقول القصّة أن لموسى أخت اسمها مريم، و كانت مشاكسة لا تطيع الأوامر و تطرح كثيرا من الأسئلة و تتدخّل في اتخاذ القرارات و لا تلتزم بما لا ترغب فيه و دائمة السخرية من أخيها و أوامره عكس هارون المسلوب الإرادة كدمية من قطن، لكن لا أحد رأى مريم.
بدا الخيال المتكسّر بفعل تموّج الماء كارتسامة البدر على صفحة غدير صافٍ مسّه نسيم بارد ليلة شتاء دافئة فاقشعرّ. يسقط البدر على صفحة الماء و يتجزّأ قطعا صغيرة ملوّنة تظلّ تتبادل مواقعها فيما بينها و تطفو حينا و تغرق حينا آخر. و هكذا بدا لي خيال امرأة تبتسم في هدوء ساخر.
حين اندفعت مضطربا بين الحاجة لاستنشاق هواء جديد و الرغبة في معرفة من يكون هذا الزائر الذي اخترق سور وحدتي كانت لا تزال واقفة عند الباب تحدّق فيّ بنفس تلك النظرة الساخرة.
عينان بطعم العسل الصيفيّ و شفتان بألوان غلال أواخر الربيع و شعر كليلٍ شتائيٍّ دافئ، ترتدي قميصا أبيض رخوا يرتعش كلما اهتزّ صدرها بفعل التنفّس، و سروالا بنّيا ضيّقا يتسع قليلا عند القدمين يكاد يغطي الكعبين العاليين الذين تنتعلهما. فبدت كعروس بحر تتأهب للغطس.
الدهشة أنستني عرييّ التام، أو ربّما أني تعودت في الفترة الماضية على الحياة وحيدا دون رفقة فلم أعر ذلك اهتماما.
استوجب الأمر لحظات طويلة قبل أن أدرك ماذا تعني امرأة، و ليست أيّ امرأة، ثمرة ناضجة.
-من أنت و كيف دخلت؟ سألت لمجرّد للسؤال.
قالت بهدوء و ثقة باسطة كفّيها كما لو أنّ الأمر بديهيّ و كأنها لم تر عُريي:
-كان الباب مفتوحا تماما، طرقت و لكنك لم تجب فدخلت، خشيت أنك هربت.
لم أفكّر في الهروب من قبل... و بعد هذه الزيارة لا أظنني أفعل.
لمحت ابتسامة همّت أن ترتسم في ارتعاشة رقيقة كادت أن تمتدّ من الشفتين إلى العينين، لكنها قطعتها بنبرة جادّة شابكة أصابع يديها النحيلتين:
-كلّ شيء على ما يرام إذن، أتيتك بشيء من الطعام و قهوة ساخنة و بعض الملابس، أرجو أن أكون موفّقة في اختياري، غدا صباحا سأرافقك في جولة لأعرّفك بالمكان، تصبح على خير.
و انصرفت لتتركني أجدّف بيديّ في حوضِ فقاقيع أحلامي لاسترجاع شكل الشفتين الظالمتين، و نفور النهدين القاتلتين، قد تكون سياسة المثل بالمثل فاشلة تماما...
كان العشاء لذيذا و رائحة عطرها لازالت تملأ الغرفة بنكهة القهوة، عبق أرواح السوسن، الثرثرة الصامتة للقمر الأبيض في الشذى المتشابك مع بخار القهوة السوداء كهذا الليل.

احتسيت القهوة مسندا ذراعاي إلى حافّة النافذة أتأمّل القمر و هدوء الأفق، جالت برأسي ذكريات بعيدة و أسئلة لا أجوبة لها و غرقت في أفكاري المضطربة بينما كان القمر يسبح متكاسلا في فنجان قهوة ساكن. 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...