خمدتْ أنفاس النار و تفرّق من حولها السّمّار، و عن نفسي، فقد آويت إلى الدّثار، بعدَ أن قضيْتُ السّنّة في نفضِ الغبار، بطرفِ الإزار. و ما أن لسعني برد الفراشِ بسياطه، حتى غمرني الدّفء بهناءه و حلّ النّوم في المفاصل، و أطبَقتْ الرّموش الذوابل. و إن نامت العين فإنّ قلب المؤمن لا ينام، و حبل الوصل مشدود الزّمام، فاخترقتُ حجاب النّور إلى حياة السّعادة و الحبور، و رأيتني أعبثُ بالسّماط، على ظهر البساط و قد لاحت السّوق أمامي و تناهى إليّ ،منها، صخبُ الكلام. فترجّلت عن الصُّهى، إلى نديِّ الثرى، ثم طويتُ الخرقة على عاتقي كفاليجة على سنام بعير، و تقدّمت أسير، فإذا هي تخفقُ في سمائها البنود، و تتمايس في زحامها القدود، و لافتة مكتوبٌ فيها: "لا تنسَ دعاء السوق" و أخرى تستعيذ من الفسوق، و غيرها مما سنّ ابنُ الفاروق و لهجت به الحلوق. فرحتُ أتمشّى بين النُّصب، و فيها من كلّ عجب، و في ظنّي أنها مما طرحت حدائق النعيم، و فاضت عن كلّ مُقيم، و مما صنعت أيادي الحور و ربّات الخدور، فسألت أحد الباعة، عن سرّ الصناعة، و مصدر كلّ بضاعة، فقال: لعلّكَ من هيئة الحسبة! أو أعلاهم في الرّتبة! إنّ كلّ ه...