Accéder au contenu principal

  مذكرات عبسلام

الموسم الثالث

الحلقة 13
و بقيَ عبسلام في السجن أياما لا يعبأ باستغاثاته أحد، و لا يرُدّ عنه عبثَ المجرمين إلا صموده و إيمانه بالوعد، فكان ينفق أيامه و لياليه زاهدا عابدا راكعا ساجدا في ركنه الهادئ، مبتهلا لشيخه، راجيا أن يُعجّلَ له الفرج، فقد كره المكان و يئسه حدّ العذاب وقد رفض الجميع الإصغاء إليه و استغشوا ثيابهم ، بل همّ بعضٌ بمراودته عن نفسه و آخرون كادوا ينالون منه...
و ذات سحَر، و الفجر يتهيّأ للإشراق، دنا منه الفتيان الذين دخلا معه و قطعا عليه مناجاته، و هما يرتعدان خوفا...
قال أحدهما:
-يا عبسلام أعبُرْ لي رؤيايَ إني أراك من الصالحين، إني رأيتني أركَبُ حمارًا و أرفع الأذانَ و الناس يُلوّحون لي بأيديهم رافعين مناديل خضراءً و بيضاء.
و قال الآخر:
-يا عبسلام إني أرى مثله، غير أن الناس رفعوا الحجارة و العصيًّ بدل المناديل، فأخبرنا بما ترى، إنك لذو حظّ عظيم.
دمعت عينا عبسلام و صاح متحسّرا:
-ويحكما! أما رأى أحدكما أنّه يسقي ربّه خمرا؟!
ثمّ خرَّ ساجدا في صمتٍ مهيب.
و لبث كذلك مُكبّا على خطمه حتى ظنّا أنه هلك. غير أنه ما لبث أن استوى و قال:
-أما أنت فأبشرْ، إنَّكَ تحجّ و تسلُكُ الطريق المغاربيَّةَ. فإذا بلغتَ منبليزير فطُفْ بها سبعًا ثم ادخلْ على شيخي فبلّغه أنّي على العهد دوما.
و التفت إلى الآخر:
-و أنتَ فتبًّا لك، تسْرِقُ شيئا من أيدي الناس ثم تعود إلى هنا، فافرنقعْ عنّي إنّك خبيثٌ نبيث.
ثمّ أغميَ عليه.
و في غيبوبته تلكَ تجلّى له شيْخُهُ و دُكَّ الحائطُ دكّا.
و أفاق عبسلام فإذا به مطمورٌ تحت أنقاض الجدران و إذا الفَتَيان يزيحان عنه التراب و الهدمَ، و إذا بهم ينسحبونَ خارج ما كان أسوار السجن إلى الفضاء الرّحيب.
و ما أن أسفر الصّبح حتى كان عبسلام يطرُقُ بابَ القصر: افتحْ، إنّي أنا عبسلام رسول الشيخ لتحقيق الإيلافِ العظيم.
"واش تهدر يا الخُو؟ شيخ دين باباك، الشيوخ عنّا بالزّاف، حك فرداتك تصير شيخ... ادخل نفرّجوك الشيخة"
و سحبه الحارس إلى الداخل و انهال عليه بهراوة كانت في يده، ثمّ جاء حرّاسٌ مدجّجون و كادوا يُجهزون عليه.
و في تلك اللحظة من الصباح النقيِّ كان صاحب القصر يتجوّل على كرسيّه المدولب بين الأشجار و جلبه صياح الحرس فنادى يستفسر.
و تنفّس عبسلام.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...