Accéder au contenu principal

 مذكرات عبسلام

الموسم الثالثالحلقة11


وجد عبسلام نفسه يغرق في شبر ماء عفِن، و بدا القمرُ كقطعة دينار حديثة الإصدار عليها وجه بورقيبة يطلّ من فوهة البئر و يرسل ابتسامة تهكّم مقيتة، فكره القمر و تمنّى أن يتغشّاه الظلام دفعة واحدة.
انشد عبسلام من أعماق أحشائه صوتا حزينا تتمزّق له نياط القلوب:
لا حيَّ مثلكَ، عبْ_سَلامْ
و النّاس أكثرُهم نِيام
ألقَوْكَ  في بئرٍ و فرّوا
يوسُفَ في حُسْنِه تَمامْ
ما عرفوا، يا ويلَهمْ
لو عرَفوا، صِهْري الإمامْ
أنقذْ نَسيبَكَ و انْتَقمْ
يا شيْخَ غنّوشَ الهُمامْ
صرخ حتى انقطع نفسه و تكسّر بين يديه الصّدى.
و في يأسه ذاك أخذته سِنةٌ من نوم.
نام عبسلام يملأه الكمد و القهر و ذهبتْ نفسُه حسراتِ على انقطاعِ الاتصال مع مركز العروة الوُثقى في الهضبة المباركة.
مسكين عبسلام، قريبا يأفل القمر ساحبا معه حبل الأمل من بئر اللاقرار.
تراخت أطرافه حتى يُخيّلَ للرائي أنّ نُخاعه توقّفَ عن ضبط شبكة الألياف ، فانحلّ كَـــ"جُثَّةِ في حالة وفاة". و فجأةً...
اشتدّ ما تراخى و تدفّق الدّم حارّا إلى وجنتيه كدفقَةٍ من التيار عاليَ الضغط، و بدا على ملامحه الابتسام و كاد ينخلع قلبه فرحا.
إنّها الرؤيا الصالحة تعود من جديد بعد أن تمّ تدار العطب في لاقطات الإشارات السماوية.
قال الصوت:
يا ولَدي يا عبْ_سلام
انهضْ فديتُكَ يا غُلام
يا ولدي لا تحزنْ
إني أنا الشّيخُ الهُمام
تبًّا لهمْ بخسوا مقامي
ما عرفوا يا عبْ_سَلامْ
روح الإله و سيفُه
بالإسمِ...يُسْتسْقى الغمام
-يا بنيّ، بعد قليل سَيُدْلي أحدهم بدلوه، فتعلّق برشائه و اصبر و صابرْ فإنّهم يحملونك إلى القصر...
ارتعش عبسلام و هو يقول:
-قصر ماذا يا مولاي؟!
-قصر المرادية يا ولدي، و لا تسأل عن أشياء إن تُبْدَ لك تسؤْكَ...
و اختفى الصوت.

و قام عبسلام فزعا يتخيّلُ نفسه غلاما في القصر... و لا توجد زليخة في القصر.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...