"هذه الرؤى لا تتركني.
للمرة الألف تعاوده نفس الصورة: نورٌ يضيء ثلث الدنيا و هاتف يخبر عن دنانير الذهب.
هذه المرّة أفاق مذعورا. كان هناك بعير أبيض يُقبل من جهة الغرب، لا بدّ أنه شرد من إحدى القوافل، هذا موسم رحلة الصيف .
نادى بأعلى صوته: يا لُبابة ...
صوت طفل يجيب، أحد أحفاده، لم يعد يحصيهم: هي ترد الماء من البئر .
عاد يتأمّل البعير الشارد، هذا فألٌ حسن .
**
- مولايا أبا الفضل، نفتقد البعير الأبيض، يبدو أنه اتجه شرقا، هناك عند مضارب هلال بن صعصعة.
يطلُب أبو الفضل من الرجال أن يُبْطؤوا قليلا ريثما يدرك البعير و ينفصلُ حيث الكثيب الأحمر.
عند البئر،تسمّر أبو الفضل على جواده .
كانت تنظر اليه .
لغة العيون لا تخطأ أبدا .
تلعثم ثم استجمع حروفه: جئت في طلب بعير أبيض .
أشارت ببنان ...في اتجاه شجرة الطرفاء.
شيخٌ و قد أسند ظهره إلى جذع الشجرة و بعير قد أناخ قريبا منه، هو ذاك.
-عمت صباحا يا شيخ العرب .
-عمت صباحا يا أخا العرب ،أقرشيٌّ؟
-حفظتك الآلهة، من بني هاشم .
-ذاك نسبٌ بعيد، أضيفٌ فنوقدَ أم عابرٌ فنسقي ؟
-ليتني كنت ضيفك، جئت في طلب هذا .
-حمزة، كيف حاله ؟
-مازال يقهر الأسود.
-و الدين الجديد ،سمعت أن خيرة فتيان قريش صبأت !
-تفعل الآلهة ما تشاء.
لم يكُفّ الشيخ عن تفحّص وجه الضيف .
-عرفت فيك شبها من عبد المطّلب رحمته الآلهة، أهو عمك؟
-ذاك أبي .
-سيّد العرب ! خذ حاجتك و أرجو أن تعود .
-سأفعل، سأفعل... إذا عدنا من الرحلة آتيك .
-غادر العباس مضارب هلال و بقيَ قلبه.
للمرة الألف تعاوده نفس الصورة: نورٌ يضيء ثلث الدنيا و هاتف يخبر عن دنانير الذهب.
هذه المرّة أفاق مذعورا. كان هناك بعير أبيض يُقبل من جهة الغرب، لا بدّ أنه شرد من إحدى القوافل، هذا موسم رحلة الصيف .
نادى بأعلى صوته: يا لُبابة ...
صوت طفل يجيب، أحد أحفاده، لم يعد يحصيهم: هي ترد الماء من البئر .
عاد يتأمّل البعير الشارد، هذا فألٌ حسن .
**
- مولايا أبا الفضل، نفتقد البعير الأبيض، يبدو أنه اتجه شرقا، هناك عند مضارب هلال بن صعصعة.
يطلُب أبو الفضل من الرجال أن يُبْطؤوا قليلا ريثما يدرك البعير و ينفصلُ حيث الكثيب الأحمر.
عند البئر،تسمّر أبو الفضل على جواده .
كانت تنظر اليه .
لغة العيون لا تخطأ أبدا .
تلعثم ثم استجمع حروفه: جئت في طلب بعير أبيض .
أشارت ببنان ...في اتجاه شجرة الطرفاء.
شيخٌ و قد أسند ظهره إلى جذع الشجرة و بعير قد أناخ قريبا منه، هو ذاك.
-عمت صباحا يا شيخ العرب .
-عمت صباحا يا أخا العرب ،أقرشيٌّ؟
-حفظتك الآلهة، من بني هاشم .
-ذاك نسبٌ بعيد، أضيفٌ فنوقدَ أم عابرٌ فنسقي ؟
-ليتني كنت ضيفك، جئت في طلب هذا .
-حمزة، كيف حاله ؟
-مازال يقهر الأسود.
-و الدين الجديد ،سمعت أن خيرة فتيان قريش صبأت !
-تفعل الآلهة ما تشاء.
لم يكُفّ الشيخ عن تفحّص وجه الضيف .
-عرفت فيك شبها من عبد المطّلب رحمته الآلهة، أهو عمك؟
-ذاك أبي .
-سيّد العرب ! خذ حاجتك و أرجو أن تعود .
-سأفعل، سأفعل... إذا عدنا من الرحلة آتيك .
-غادر العباس مضارب هلال و بقيَ قلبه.
**
عاد هلال يستظل إلى جذع الشجرة، في الماضي كانت له صولات...
منذ سنوات سلّم المشعل إلى ابنه الأكبر، أصبح يطيل الصمت .
في سنوات الجفاف كان ينزل مع أهله إلى أسفل الوادي حيث المراعي الخصبة، أو يُغير على الأحياء المجاورة... عندما يشتد القحط أكثر يلزمون طريق القبائل: الإتاوة أو الغارة، حتّى بعير قريش -بعير الله - لا تسلم، تلك هي الصحراء.
أغمض هلال جفنيه و تمتم: أدامت الآلهة الرخاء. منذ سنوات عم الخير و لم ينقطع الغيث... مرّت في رأسه صورة الخنافس المُجففة، لها طعم كالزبيب المال .
كانت لبابة لا تفتأُ تراقب أباها في الغدوة و الروحة، صارت تخشى عليه من أوهامه، فتلك الرؤيا لا تغادره.
اشتدّ الضجيج على الطريق، القوافل تعود محمّلة بكل الأطاييب، ربما سيشتري هدية لـلبابة، و بعض الحلوى للبابة الأخرى، حفيدته، تلك التي تعبث بلحيته و تنزع عمامته.
فصلت العير، كوكبة من الفرسان و خلفها بعيران يتثاقلان .
أسرعت لبابة تحثّ الخطى لتخبر الشيخ.
الريحُ طيّبة، قال الشيخ و عاد الى تأمّله.
في سنوات الجفاف كان ينزل مع أهله إلى أسفل الوادي حيث المراعي الخصبة، أو يُغير على الأحياء المجاورة... عندما يشتد القحط أكثر يلزمون طريق القبائل: الإتاوة أو الغارة، حتّى بعير قريش -بعير الله - لا تسلم، تلك هي الصحراء.
أغمض هلال جفنيه و تمتم: أدامت الآلهة الرخاء. منذ سنوات عم الخير و لم ينقطع الغيث... مرّت في رأسه صورة الخنافس المُجففة، لها طعم كالزبيب المال .
كانت لبابة لا تفتأُ تراقب أباها في الغدوة و الروحة، صارت تخشى عليه من أوهامه، فتلك الرؤيا لا تغادره.
اشتدّ الضجيج على الطريق، القوافل تعود محمّلة بكل الأطاييب، ربما سيشتري هدية لـلبابة، و بعض الحلوى للبابة الأخرى، حفيدته، تلك التي تعبث بلحيته و تنزع عمامته.
فصلت العير، كوكبة من الفرسان و خلفها بعيران يتثاقلان .
أسرعت لبابة تحثّ الخطى لتخبر الشيخ.
الريحُ طيّبة، قال الشيخ و عاد الى تأمّله.
Commentaires
Enregistrer un commentaire