مذكرات عبسلام
موسم2
حلقة3
-يا عبسلام، قم فتجهّزْ
و الرّجسَ فاهجرْ، واسْرِ بنَفْسِكَ ليلا، فإنّ الصبحَ قريب، أليسَ الصُّبْحُ
بقريب؟!
ودّع عبسلام أهله و طاف بجبل الهيكل تسعا، اثنانِ فمن
عنده دون أن يشُقّ على نفسه.
و ما أن دلَفَ إلى المطار حتى التقمته الطائرة غَيْرَ
مليم، كَحوتٍ ذي جَناحين، فلبث في بَطْنها مستغفرا و مُسبّحا حتى لفظته في جِدَّةَ
و هوَ سقيم. و قد نسيَ أن يهلّ بالاحرام، فأسرّها في نفسه و قد ظنّ أن لن يقدِرَ
عليه شيخُه.
و من المطار انضمَّ إلى بعض قوافلٍ تصّاعَدتْ بها
الطّرُقُ حتى غدوا على حرْدٍ قادرين عبرَ السّراة حتّى أتهموا في وِهادٍ خبيثة
النّفَس، و ما أن فَصَلَتِ العيرُ حتى ناداه هاتفٌ عبقريّ الصّوت: يا عبسلام إنّك
بالوادي المقدّس... فاخلعْ نعليك! يا عبسلام:
طُفْ بالكَثيبِ وَفِّهِ سَلاما__كاد الكثيبُ أنْ يكونَ
حَراما
خرّ عبسلام ساجدا و هو يُتمتم: تالله قد علمت يا شيخي
أنّكَ من المُحدَّثين.
و لمّا قضى تَفَثَهُ أشعلَ شمْعَة تُنير روحَ الأجداد و
مضى متشائما حتى انتصبت الشمسُ فوقَ رأسه كتاجٍ من نار. عندها طَلَعَ قرنُ الشيطانِ
يسُدُّ الأفق و صدى ضِحْكِهِ يُلَجْلِجُ مع الرّيح كنبيبِ تيسٍ أدْرَكه الرّبيع.
قال عبسلام: صدق شيخي، إنّه عليم حكيم، و قام يحُثّ الخطى نحو الأفق الأعلى.
و عند أبوابِ المدينة وجدها
مُلئتْ...يتبع
Commentaires
Enregistrer un commentaire