مذكرات عبسلام
الموسم الثاني
الحلقة 1
عَنّ للشيخ أن يكتب اسمه
مع الخالدين.
نسائم المُكيّف بَدتْ
رقيقةَ هذه القيلولة، و كأس الشّاي الأخضر بفقاقيعه المتناثرة كالزّبد أرجَعتْ
ذكراه إلى زمانٍ كان فيه الخلِيّ، بين السواقي و الطين و نبيب الماعز و نهيق
الأتان.
أدار أفكاره حتى استقرّت
في أفلاكها، ثم مدّ يده فتناول ألمعها في عينه فقلّبها ذات اليمين و ذات الشمال
حتى أنهكها تأمّلا.
قال في سرّه: لآتينّ بما
لم يأت به الأوائل.
-يا عبسلام،
"تعالَى" هنا!
-لبّيك سيدي
-يا بنيّ إنّي اصطفيتك
لنفسي و صنعتك بيَدي و على عيْني، و أدّبتك فأحسنت تأديبك، فاستقم كما أمرت و أعدّ
نفسك للسفر، إنّي مرسلك في مهمة عظيمة و أمرٍ جلل.
-السمع و الطاعة، فادعُ
ربّك يحلل عُقدة من لساني، فإذا قَيَ الأمر خَلصتُ بنفسي إلى جُزر السّيشل أتبحبحُ
في إنائها.
-لك ذلك إن نجحت، أما لو
فشلت فأرسل معك سميّة جزاءً نكالا.
-سأبذلُ جهدي، فخبّرني
عمّا أفزع فؤادك في مثل هذا اليوم القائظ.
-إنّه الإيلاف يا بُنيّ!
أريد أن أعقد إيلافا مع عُظماء
الأرض، و أول من تبدأ به عظيم الدّرعية.
-أصاحب العقالَيْنِ
تَعْني؟!
-هو ذاك، فإذا بلغْتَ
الميقات فتطهّر و لا ترفثْ حتى تبلُغ الكثيبَ الأحمرَ أسفلَ وادي بيشة فطفْ به
سبْعا و أبلغْه السلامَ، فذاكَ جدّي صَعْصَعة. ثمَّ تشاءمْ حتى تبلُغَ قرنَ
الشّيطانِ فعندَهُ قِبْلتُك. فحيّه كما علّمتكَ و ألقِ إليهِ رسالتي و انظر كيفَ
يفعلون.
ثُمّ ترفعُ عصا الترحال
حتّى...
يتبع.
Commentaires
Enregistrer un commentaire