الموسم3
الحلقة 27
-أين كنت يا عبسلام... أكلّما أرسلتك في أمر إلا و أرديت
نفسك في هلكة!!
-حنانيك سيّدي، أسرني ملك الجنّ و خان عهدك! إجعله في
الأصفاد يا مولاي، إنّي مظلومٌ فانتَصِرْ!
-مباركٌ أنت يا من وَدَعتْ على ركبته الوحوش... أما
حذّرتُكَ ضيعة الطّيوبِ و كلّ ناهدٍ لعوب! ختلتَ ابنة الملك و تعجب! لكنت قنعت
بجاريتها يا عِبس!!
-صُنْعُ يدك يا شيخي، ما كان لهمّتي أن تقنع بغير
النّفيس من بنات ابليس، و الله إنّ عليهنّ لحلاوة و...
حسبك! أما و قد ذُقتَ عُسيلتها فهنيئا لك. تمضي متى فرغت
إلى أغمات فتنظرَ كيف كان عاقبةُ الأوّلين.
-مولاي! أما من عَوْد؟ غلّبََ الشوقُ و حنّت الضلوع.
و بدر منه رعشةٌ و بكاء، و ما رقّ قلبٌ في الأنام مثل
قلب عبسلام.
-لكلّ أجلٍ كتاب يا بُنيّ، فلا تخلد إلى الأرض و تتبع
هواك، و إنّا رافعوا ذِكرك حتى يُشار إليك بالبنان: هذا عبسلام صفيُّ الشيخ و
خليله كوكبٌ يطوف حول الشمس.
طهّر قلبك يا ولدي و اتبعه إلى أغمات و اتّعظ!
-طهّرته في نهاوند يا مولاي فهو أشدّ نقًا من ثلج
الشّعانبي.
-عد فطهّره و إلا طهّرناه لك!
-مولاي! رحمتك! و ما تترك لسميّة!
و أجهش بالبكاء.
-قاتلك الله يا خَتْني! متى حدّثك السّرحان فقم من حينك
و امضِ إلى أغمات بعين مُفتّحةٍ و قلب يقظ، و لا تجادلني بعد هذا و احذر أن تميل
مع الهوى فتتخطّفك الشياطين.
و اختفى النور و أُسْقِطَ في الظّلام.
و لبث في كهفه ما لا نعرف، يأكلُ و يشربُ و يطعم رفيقه
من طعامه و هو بين تسبيح و صلاة.
و إذا كان الليل بسط الذّئب يديه بالوصيد فإذا كان
النهار فإذا هو ساربٌ يترصّد حركات الجنود على الحدّ، و بين الحين و الآخر يأتيه
بطير أو أرنبٍ فيجعلها عبسلام على النار و يرمي له العظام.
و ذات يوم عاد الذّئب على غير عادته فعوى و زمجر و كشّر و
أبرز مخالبه فإذا هي كالإبر تلمع من بريق عينيه.
قال عبسلام و قد أخذه الرّعب:
مالك يا أخي! ما اكتمل القمر بعد! أمكروه أصابك أم أمرٌ تريد
كشفه؟
و هم يريد أن يُربّت على رقبته.
تراجع الذئب قدر خطوة و فتح فمه:
-تبّا لك! كشفت لك المأوى و رضيت منك بالخبز اليابس و أنا
الذّئب، حرستك كالكلب و أنا الذئب، أطعمتك من صيدي و أنا الذّئب...ويحك! أستهنت بي
حتى سوّلت لك نفسك أن ترمي إليّ بعظامٍ مصصتها حتّى دقتها! قم لا باركتك السماء و لا الأرض! لولا
عهدي إلى شيخك لجعلت لحمك وليمة لضواري الأطلس و الرّيف!
صاح عبسلام:
-ذاك ما كنْتُ أبغِ، ذاك ما كنت أبغِ! تالله قد جُمع لشيخي
جنودٌ من الوحش و الطّير و الجنّ.
و خرّ على وجهه خاشعا و أغميَ عليه.
أما الذئب فظلّ يعوي خاسئا كأنه يقول: ويْ ويْ ما أجرأني
على أولياء الشيخ! ويكأنّ للشّيخ جنود السماوات و الأرض! وي هلكت! ليت جلدي كان دثارا
لعبسلام فأكفّر عن خطيئتي!
و عندما أفاق عبسلام ذبح الذئب و سلخه و جفف الجلد و جعله
لليالي القرّ في الجبال، و علّق أمعاءه في غصن عبرةً لمن يعتبر.
و رفع عصاه و انطلق يطلب مغرب الشمس و عاصمة الأوّلين.
Commentaires
Enregistrer un commentaire