الموسم3
الحلقة 25
تحسس عبسلام الصخر بأنامله، شقٌّ في الجدار تسللت منه البشارة!
صاح عبسلام و قد ملأه الغيظ كأنّه يُخاطب شيخه:
-أما كنت أفصحت! أوحيٌ بلغة الكُفّار!
و بكلّ ما رسب في قلبه من حرقة الحرمان و الغضب راح يضرب
الصخرة المشقوقة بقبضتيه و من منخريه ينفخ دخان الغيظ و القهر، و تفتت الصخرة و
انفرجت بين أصابعه كوّةٌ من أمل:
-أنا عبسلام، مشكاةٌ من جسد و روحٌ من عقيق!
ظلّ يرددها و يداه تزيحان الحجارة حتى تبيّن له بصيصٌ من
نور و تناهى إليه صفير الرّيح يتكسّر عبر النّفق، و انبطح على كرشه زحْفًا كثعبان
يطلبُ دفء الشمس في يومٍ عاصف.
دميَتْ ركبتاه و خُدشَ قفاه و رُضّ منكباه و نُتفَ فوداه
و شُجّ رأسه و خُدّرت مفاصله و ما استكانَ و ما يئس و ألفى نفسهُ على شفا جُرْفٍ و
دونه الرّدى لو خرّ لتخطّفه الطّير.
كان الوقت أصيلا و الشّمس تنذر بالمغيب و الرّيح سَكْرى
لا تعي، و عبسلام يحمل رسالةَ الوجود إلى العدم بهمّةٍ لا تني.
أسرع يسدّ مدخل النّفق بالحجارة و التراب ثم انزوى بين
نبوتين عظيمتين و همّ يوري قدحه للمُقام. غدًا فجرٌ جديد.
ابتلع الظلام الجبال و أوقِدت جمرات في الأفق و عوى ذئب للصّدى
و خفقت بعض وطاويط و حام فراشُ حتى لقيَ حتفه و عبسلام ساهمٌ يتأمّل الشّرر و بطنه
يعصر من الطوى و قلبه يرجف من الخوى.
و ناح طيرٌ فارتجّ فؤاده و تنهّد:
سميّةُ هل تشعرين بحالي؟
سميّةُ كم مرّت عليّ الليالي!
معاذ الهوى... لولا أبوك لكتُ
أعبّ الغرامَ من معينِ الزّلال
سُميُّ! رماني الشّيخ بين الفجاج
فإنّي أهيم شاردًا في الجبال.
و دام على تلك الحال حتى أشرق النجم فقام يجسّ الثنايا نحو
الغرب حتى لاحت له رايات معبر زوج بغال.
ـــــــــــــــــ
السابقة
http://zockra1er.blogspot.com/2017/03/24_16.html
Commentaires
Enregistrer un commentaire