الموسم3
الحلقة 26
جسّ جيوبه فإذا هي عامرة بالبركة و اتّجه صوب بعض
الحوانيت فتزوّد ببعض ما يقيم عوده في خلوته المرتقبة في الغار. بدت كلمات شيخه
واضحة جلية " إذا بلغت زوج بغال فامكث في المغارة حتى
يأتيَك منا اليقين"، فتطلّع ببصره لعلّه يرى إشارة أو يتبيّن موضع الربوة و
القرار المتين، لمنه لم يظفر بغير خوذات الجنود و عجلاتهم و الرايات تعبث بها
الريح.
حمل
أغراضه و انطلق حيث تحمله قدماه، و نسائم الضحى تلفح وجهه برائحة الغبار و القيظ.
كان منهكا فلم يشعر بشيء، و انتبه فجأة فإذا هو قد أوغل نحو الجنوب، و إذا ذئبٌ
يسعى في الأرض...
حشرج
عبسلام: يا ويلتي هذا نذير شؤم!
و إذا بالأوَيسِ
ينبش في الأرض عند جذع دوحة وارفة، و إذا هو سردابٌ يمتدّ بعيدا في الظلام.
تقدّم صهر
الشيخ و البشرى تدفعه و لسانه يُردد:
لو كان
يدري أويسُ ما أتت يَده__ لما عرفت أين يكون الغارُ قد رُدِما
لله درّ
أويسا في بشارته__ لَجُزْتُ دون مَغارِ التلّة العَدَما
ثم خرّ
على ركبتيه راكعا و مسبّحا بحمد شيخه و إذا بالذّئب يقتربُ مُرحّبا و يضع رقبته
على فخذ عبسلام.
يا
لكرامات الأولياء!
يا
لمقامات الشهداء!
يا لمقام
الصّدق و القرب!
ربّت
عبسلام على رقبة الكلب و نزلا الدّرجات.
الظلام
كاحل و الهواء رطب و نور الفتى في قلبه و الوعد الصادق يقوده حتى إذا هما في الغار
ثانيَ إثنين ارتجّت جنبات الدّاموس و أضاء السّقف و التهب و هبّت ريح عرف عبسلام
فيها ريح شيخه فآنس و عرف الأمارات فارتقب الهُدى.
و دمدم هاتف
الشيخ و بسَطا ذراعيهما في خُشوع...
Commentaires
Enregistrer un commentaire