Accéder au contenu principal

Articles

Affichage des articles du avril, 2017

رواية-- بين الحقيقة و الحقيقة

انتهت اللعبة بتبادل السباب . هو في الواقع قُطعت قطعا، و تدخّل الحاضرون و النادل العجوز الذي يهابه الجميع و رفع الكؤوس قبل أن يُصدّعها الدويّ و الأوراق قبل أن يطيّرها الغضب، و خفتت الأصوات في حناجرها و احتقنت في الصدور . كان الوقت أصيلا، و نسائم الربيع تهبّ و قد غُلثت بكتل من دخان عوادم السيارات و ألسنةٍ من روائح شِواءٍ مُثقلَةٍ من المطاعم المجاورة. كلّ تلك الترّهات تمتصّها شجرة الـ ficus التي تظلل باب المقهى فتختنق بها الحشرات و تسقط على رؤوس الجالسين و تختفي بين طيات ثيابهم و في كؤوس المشروب . تفرّق المتخاصمون كعادتهم، ليس إلى منازلهم و إنما إلى مجموعات أخرى، الوقت يتمطط و ساعة الغروب على بعد أميال، و الرجوع إلى المنزل قبل الظلام ضجر و افتعال مشاكل مع الأمّهات كما الآباء، تعرفون هذا، و من صار أبا فها قد ذكّرته . مرّت المشاهد أمام عيني حين التقيت صدفةً أحد رفاق المعهد ممن حضروا حادثة المقهى و ما تلاها في الغد . في المعهد كان الجوّ خانقا، شهرٌ وحيد متبقٍّ لعبور السراط، و الأساتدة كأنّ على رؤوسهم الطّير و الشّمس مرّت لإنضاج التوت و المشمش بعد أن أجهزت على الفول الذي كنا نخطفه من ...

ابن الغانش

هبّ نسيم عليل و طاب الجوّ للمقيل، و استسلمتُ للكرى، والنائم قد يرى : أنّه لمّا وَقَعَتِ الواقعة وحلّتْ، و صُفْصِفَتِ الأرضُ و بُدّلت و انتفض من كان في بطنها و اقشعرّ، ثمّ أسرع إلى حيثُ يُحشر، كان شيخُنا - حُفِظَ و اهتدى -قد تخلّف عن جموعهم و انزوى – حفظه الله و اختصّه بمنابر النور و التّقوى –حتّى إذا تزيّل أهل اليمين عن أصحاب الشمال، أقبل شيخُنا في حُلّةٍ من أنوارٍ، ونادى هاتفٌ أن أفسِحوا للأبرار، و جاء رجالٌ ذوو أجنحةٍ بسياطٍ من نارٍ، فزجروا الرّعاعَ و الأغيار، وسيقَ –رحمه الله- إلى سُرّة البطحاء، وجيء له بكسوة من حرير خضراء، و نُصبت له مِظلّةٌ من غمامِ الماء، فوق منبرٍ من ياقوت صقيل، درجاته مُرِّدَتْ من قوارير، و رُفِعت له رايةٌ من وهجٍ يراها الساري من خمسين ألفَ مرحلة، ونادى المُنادي هذا عبدي فمن أجاره فقد أجرته، و اجتمع الناس إليه و تعالى الصراخ و الشجار فأشار – عظّمه الله – إلى مَلَكٍ كريمٍ أن نظّم صُفُوفهم ثمّ أرْسلهم، ثمّ عنّ له – أظلّه الله –أن يفرض على كلّ رأسٍ مكسا، و كان من رحمته و عطفه أن قدّر على كلّ نفسٍ دينارا ذهبا إلا أن يكون اقترف كبيرة أو شِرْكا فعشرَةٌ تجزي . ...

هلال 5

  و تقطّع أبناء هلال في الأرض بُيوتا. و غصّت بهم أقطار الوادي، و كلٌّ ينوح بمرعاه. حتى كأنّ السهل بحرٌٍ انفرقَ فكلّ فرقٍ كربوة ضاجّة . و ما عبدوا العجل و ما استكانوا، لكنّ الرياح تجري بالرماد ... عام الرمادة، و الصحراء كأنْ لا دبيب فيها غير ملك الموت، سَفْعًا بالناصية . و غارت الضّواحك . " مياهنا ملوكنا" قال كبيرهم، "النّواصي و الأقدام"، "أسرجوا ، الرحيل الرحيل، فإنّ لنا أسبابًا إلى ذات نخلٍ بي ن حرّتين ". و أطراف المدينة كموقف الحشر بين ثغاء و رُغاء و أنين . و فسطاط الأمل لا يُغرقه بحر . سُيوف الله سرت . سيوف الله سرأت و مراعي العراقيْن أمرأ و الشام سمنٌ و عسل و ماءُ النّيل خيرٌ عند الربّ . قلوبنا معك و سيوفنا عليك .   ذات ليلة كاللظى، فزّ رياح بن أبي ربيعة مرعوبا و العرقُ يخْنُقُ أنفاسَه: عدد نجوم السماء و رمل الصحراء و جراد الخلاء، ذهبٌ ذهب، مراكب من قصب، قصر في المغرب، تفل عن شماله و تّبسم: اهبطوا مصرَ . قال،   و يمّم وجهه شطرَ سيناء . *** إتّقدَتْ العُلّيقةُ كأنها كوكبٌ دُرّيٌّ حتّى أضاءت قبورَ الغابرين . قال قائلٌ منهم: تُراثُ الل...

هلال 4

- ذاك عثمان بن طلحة في حجر الكعبة هلم بنا إليه . و اتجه الثلاثة إلى البيت العتيق . ما أن رآهم عثمان حتى أخذ يرتعش كأنّ به مس الشياطين: هبل هبل هبل، ثم استلم الركن و عاذ بالملتزم: هبل هبل هبل... - ما بالك يا عثمان؟ قال الحكم . -ما أنتم الا شياطين، ابتعدوا عني: هبل هبل هبل - ويحك يا عبدريّ، جئناكَ تعبُرُ لنا رؤيا و انا لنراك من الصالحين . - سلسلة من نار، ظلماتً و لا قرار، هبل هبل هبل... ابتعدوا عني -ثكلتك الآلهة، قال العباس، و تمتم: لأجمعنّ السقاية و السدانة ... و بينما يهُمّ القوم بالانصراف كان عبد الله بن عثمان التيمي قد أنهى الطواف لولا أن ناداه الحكم: يا ابن أبي قحافة هلمّ نسألك ... - ما بال القوم؟ - كلنا رأى الرؤيا نفسها: سلسلة من نور تضيء الدنيا ... لم يفكر عبد الله بن عثمان كثيرا، تبسّم و قال : - يخرج من أصلابكم رجال ينصرون الدين الحق فتضيء الدنيا بهم... إذا وضعت نساؤكم فسموهم عبد الله ... - و ما عبد الله؟ أنا أسميه عبد الملك، فنحن ملوك العرب! *** ما كان خيرًا أثقلت قريش على ابن عبد المطّلب و استحلّت ركنه و ما لامست كفَّاه شمسا و لا قمرا . و قحَطَ ا...

الجاموسة 8

عادت منية تجلس مكان الأصلع، تفحّصت علب السجائر أمامها فوجدتها كلّها علامات رديئة، لمحها الجاموسة فأخرج علبته الفاخرة مشيرا لها. كان بينها و بينه جثتان تتنفسان، الأول أرخى رأسه حتى ألقاه على ركبته بينما يده اليسرى لازالت تقبض على عبوة فكأنها تيبّست هناك، الثاني نفدت بطاريات وعيه و تركته على وضع الابتسام و يده اليمنى في حركةٍ بين التسبيح و نقرٍ على بيانو خفِيَ إلا عن عينه بينما يده اليسرى استحالت فيها عبوة الجعة إلى عصا المايسترو. اقتربت منه عبر الفراغ الضيّق بين الحالمين و طاولة الآجر و حين مالت ليشعل لها اللفافة استيقظت الروح في الجثة الأولى فرفع رأسه لتصطدم عينه بمؤخّرة منية، و قبل أن يعود ليطأطئ رأسه اندفعت يده لتقرص إلية الفتاة. تمتم صوت من الطّرف الآخر: "عاهرة" و عاد يجترّ أحلامه. في الخارج يُخيّم الظلام و الهواء أثقلته الرطوبة و الغبار النازل من الأعالي، و السّكون له حشرجات حين تنفخ أنفاسٌ قِبْليّةٌ وهَجا يتسرّب عبر فتحات الأبواب و يصفع جدرانا جدرانًا حمراء فيُسمع لها أنين متقطّعٌ سُرعان ما تُطبق عليه الأسقُفُ و تغصّ به لتُفْتَحَ أبوابُ البيوت على مصراعيها باست...

هلال 3

ترجّلَ الرّكب، عرف هلال أبا الفضل. الرجال الآخرون تبدو عليهم علامات الشرف و الرفعة . - عمت مساء يا شيخُ هلال - حيّتك الآلهة، قد عرفتك أبا الفض، فمن رفيقك؟ - هذا أخي عبد العزّى و هذا المغيرة، و هذا أبو سفيان سيد قريش -أشرقت الآلهة في ربعنا حللتم أهلا و نزلتم سهلا. - يا لُبابة أعدّي لنا متكأً. كان ابن حرب أسعد الناس بهذا اللقاء، حريٌّ به أن يسعد. سيكون بنو هلالٍ هذا حرّاسا لقوافل قريش يمنعونهم من أنفسهم و من الأعراب الآخرين. لتبارك الآلهة الذهب . دعا الشيخ ضيوفه الى الخيمة ،و كانت لبابة تسترق النظر و السمع . قال العبشميّ بكلّ حماس : - يا شيخَ العرب ،جئنا نطلب يد ابنتك لبابة لصاحبنا هذا ،و أشار إلى الهاشمي ،فما تقول ؟ صكّت لُبابة وجهها خجلا و اختفت وراء ستار . - ابتسم هلال و سرح به خياله بعيدا ...تذكّرَ كيف التقى أم لبابة ذات يوم على العين ...ثم كأنما أخذته رِعدة :هذه المصاهرة سترفع شأنه بين القبائل،انها قريش ،ربيبة الآلهة و ...هذه النبوّة؟ قام الشيخ يتوكّأ على عصاه حتى بلغ خدر لبابة . أجابت لبابة بالصمت . و شهد النكاح عُصْبَةٌ من قريش . *** بعث العباس الى القا...

هلال 2

" هذه الرؤى لا تتركني . للمرة الألف تعاوده نفس الصورة: نورٌ يضيء ثلث الدنيا و هاتف يخبر عن دنانير الذهب . هذه المرّة أفاق مذعورا. كان هناك بعير أبيض يُقبل من جهة الغرب، لا بدّ أنه شرد من إحدى القوافل، هذا موسم رحلة الصيف . نادى بأعلى صوته: يا لُبابة ... صوت طفل يجيب، أحد أحفاده، لم يعد يحصيهم: هي ترد الماء من البئر . عاد يتأمّل البعير الشارد، هذا فألٌ حسن . ** - مولايا أبا الفضل، نفتقد البعير الأبيض، يبدو أنه اتجه شرقا، هناك عند مضارب هلال بن صعصعة . يطلُب أبو الفضل من الرجال أن يُبْطؤوا قليلا ريثما يدرك البعير و ينفصلُ حيث الكثيب الأحمر . عند البئر،تسمّر أبو الفضل على جواده . كانت تنظر اليه . لغة العيون لا تخطأ أبدا . تلعثم ثم استجمع حروفه: جئت في طلب بعير أبيض . أشارت ببنان ...في اتجاه شجرة الطرفاء . شيخٌ و قد أسند ظهره إلى جذع الشجرة و بعير قد أناخ قريبا منه، هو ذاك . -عمت صباحا يا شيخ العرب . - عمت صباحا يا أخا العرب ،أقرشيٌّ؟ -حفظتك الآلهة، من بني هاشم . - ذاك نسبٌ بعيد، أضيفٌ فنوقدَ أم عابرٌ فنسقي ؟ -ليتني كنت ضيفك، جئت في طلب هذا . - حمزة، ...