Accéder au contenu principal

غيمة راقصة


انظري يا ماشا، تأملي تلك الغيمة البيضاء.
نظرت القطة، تتبعت اصبعي في الظلام، ماشا قطة الجيران اصبحت تزورنا كثيرا، تقفز من السطح و تنزل متأنقة في امتلائها، سوداء كفحمة قطعت من غصن زيتون فتي، متألقة في هالة من ألوان الطيف التي تفيض من وبرها القطني الدافئ.
انظري يا ماشا، انا، انت، و ذاك العصفور النائم في قفصه و كل شيء، كلنا ندور حتى نختنق من لهاث، و يبدو لهاثنا كابتسام غبي، ندور كاعصار من ماء اجوف في ثقب بالوعة قذرة، و نحسب أنها رقصة الانتصار، و يبتلعنا الظلام، قولي لي كيف تشعرين في صندوقك الدامس هذا؟
نطت على الكرسي الابيض، حسبتها ستقول شيئا، لكنها رنت بعينين من عسل أسود نحو السماء، طائر وحيد، هو ايضا اسود، مرق كنقطة قذرة ترحل، و تبخترت ماشا على الدرح و اذا هي خيال يبتعد.
سماء اخر الليل و غيمة تلتحف البياض. سبحت الغيمة و رداؤها يطفو على لجة قاتمة بالفراغ. الهلال اسدل قرنيه كثور مهزوم و النجوم نقوشُ غبار على غطاء خلِق. وحدها تلك السحابة تمسك الالوان لتثبّت ارضية السواد بلاطا للذة مقموعة.
غيمة بحجم قارة مفقودة.
انتصبت على قدم من اثير، كعين بيضاء في قلب اعصار من زغب، و في لحظة العشق تلك اخرجت الف يد و ذراع بيضاء كالمرمر الجائع للقبل، رقصت حتى الاصبع الاخير، مثل مجرة وحيدة في غيهب الهَجر و الاهمال، رقصت على قدم واحدة رقصة صوفي مهزوم اضناه التوحد في الفناء و اعياه التعلل بالوجود، و اسقمه شوق للحبيب، يطلبه فلا يستجيب.
دارت الف دورة بين صمت و صمت فلم تقض مضجع الراقدين و لم تسئ الى خفق اجنحة طير مسافر نحو أروقة مفتوحة في المدى البعيد فوق اشجار قامت منذ قليل تتنفس السحَر.
في الدورة الالف تلاشت كزخة ثلج على سقف بازلت اسود، هي هنا لا تزال تراوح نقطة الارتكاز في محور السماء، مثل بتلات اقحوانة بيضاء نفضتها دورة الربيع ملهاةً لنسيم الصيف و مجون العبث اللذيذ.
هل تموت زهرة الا كحلم نازف في اختلاجات عين تنام و لا تنام! بياض على شاشة السواد.
كنفحة من امل في قشة غريق ارعبه استواء مياه بلا موج و الماء صفحة مرآة مخنوقة، و الا لماذا هي زرقاء!
بل كمغناطيس يغزل خيوطا من سحْر لعنكبوت ارجوانيّ يصفر لحنا من قصبة خرساء.
عادت نتف الحرير القرمزي لتمسك اطراف الامل، الانوار التي ترفرف على المدينة النائمة اطياف تغمزها للمضيّ و ذاك الهدوء الذي من عجين طريّ بزفير اوراق الشجر يحميها من السقوط الى خسة التراب.
في خفة راقصات باقدام حافية و اظافر تبرق بالاغراء النزق فتحت الغيمة جناحين من حب ناصع البياض و صعرت خدها بالكبرياء، غنجاوان عيناها حين عادت لترقص، و همّ الصوفيّ المستيقظ تحت نهديها الثائرين بالاقلاع و احمرّ طربوشه بالخجل حين امتدت اولى خيوط الوصل تسحبه للحلول في النور المطلق لنهار جديد.
ثمامة من غسق بظلال من اثمد تدفعها بعيدا امواج من خفق اجنحة طيور مبكرة، ما تبقى من حلم سحابة صيف ذات فجر كاذب.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...