Accéder au contenu principal

Articles

Affichage des articles du septembre, 2016
  ميشلان 5- مع انتصاف النهار إلا قليلا ينحسر الظلّ و تنتصب الشمس تماما، و ينفضّ المجلس. الشمسُ الآن كرصاصٍ ذاب فراح يقطرُ لطخاتٍ كبيرة كالصّفعات المتتالية عندما تتابع في صمتٍ على رقبتك و لا تتركُ غير العرق المعروك بالسواد. فطور و قيلولة ترتُقَ ما تمزّق من ساعات حتى يؤَذَّنَ للظهر الأخير. و الظّهر الأخير حينَ ينتصف الظّهر، يُشظّي القيلولة نصفين و يُبعثرها غَفواتٍ بطعم "الفلفل المُلَهْوَثِ" [1] و تجرّعات الثوم و السّردين المقليّ و رغاوي العطش. عبثا حاول الجميع إقناع سي ڨدّور بضرورة ابتدار الصلاة عند دخول الوقت أو تأخيرها إلى العصر، حتّى السلطة عجزت، و السبب مجهول أو لا يعرفه أحد، فآثر أغلب زبائن سي ڨدّور السّلامةَ في بيوتهم، و من حضر فإنما جفاه النّوم أو خلا منزله من ركنٍ بارد ففرَّ إلى بيت الله. و العجيب في الزوايا و المساجد القديمة أنه كلّما اشتدّ حر الظهيرة ازداد بردها و تنسّمت ريح الصّبا فيحلو تحت قبابها كسلُ النوم أو شجَنُ الحديث. الرّواد هم أنفسهم كلّ يوم، سي يونس و سي محمّد تاجر الصوفو سي عبد الله ولد الشيخ و عم جلّول الذي إن غاب أرسلوا في طلبه و أحيانا ي...
قُبل و تقارَبَتِ الشّفاهُُ  و أُسدِلتْ هُدُبُ الرّموشِ  بِرعْشة القُبُلِ ألا تَدعِ النّجومَ تسيلُ في مهَل! يا قمرًا توشّحَ بالسواد  و في خدودك  حُمرةُ الخَجَلِ ♥♥♥♥♥♥
خيالُ كانت هناك في كفّها الأثرُ و تُداعِبُ الطَّرَفَ الذي هَوَتِ النّجومُ إليهِ و النّورُ و البشَرُ عُدّي معي كم عَبَثًا من كفِّكِ... لازال ينهمرُ مللتُ من قصصي... أو هكذا تعبَ الخيالُ معي ثمَّ هوى ثملا في صمتها  البصرُ و لقدْ مَرَرْتُ بِعَيْنِها و سمعتُ كيْفَ تُثَرْثِرُ عَزَفَتْ على وتَرٍ المُنى نَغَمَ الحياةِ بِرمشها أسَمعْتَ يا وتَرُ؟ كانتْ هنا و هُناكَ تنتظرُ بلْ هكذا علقتْ يَدي بيَدي و الصّمتُ ينتثِرُ.
 يسعد مساك أبو صالح -قتلوك قتلوا عدوّ الله و الرّ سُلِ قتلوك ثم تسابقوا للمغسلِ فتطهّروا و توضّأوا و دعوا على الكفّار بالمثل عجبا -أيَقول أن إلهنا و حبيبنا قد فيّضَ الأنهارَ بالعسل و أتى بكلّ قِحابه و خُموره و خيامه و طيوره و قلاله يجري بها المَلَكُ الأمين  جَرْيَ البعير المُبْزِلِ عجبا -أيَقول أنّ إلهنا و رحيمنا نقَع الشّعير بكهفهِ ثم استوى بجلاله يفري الدنان بكفّه و يُريقُها لعِباده بالمبزل أيقول أن إلهنا جعل النعيم طبَرْنَةً فيها يُباحُ النّيْكُ كالقُبَلِ -عجبًا قتلوا الذي جعلَ المشاهدَ كلّها في رسْمةٍ جمعت كلام إلاهنا و خلاصة السنوات ... و الأزل
قمر  سقطَ القمرْ في الماء قد سقط القمر سهرتْ عُيونٌ ثمِلَتْ جفون هطل المساءُ على السَّحرْ و تفتّحتْ حُجُبُ الغُيوبِ من فوقِ أسوار النظرْ كانت قرنفُلَةً بيْضاءَ في لونِ القمرْ سَقَطَ القمرْ لمع السّرابُ على الثّغَرْ  نعقَ الغُرابُ سَوادَهُ ريشًا على أُفُقِ السّماء و مضى العُمر
 ميشلان 4 في الظلّ المقابل تأخذ الحلقة طابعا رسميا بوجود بعض الكراسي و الصناديق الخشبية و حضور بعض الموظفين المتقاعدين و أحيانا ينضم بعض المحدّثين و القصّاص الملمّين بأخبار الغابرين و الأنساب و الشعر و بعض القرويين و البدو الوافدين يوم السوق من أقاصي الناحية. أذكر المرحوم ابراهيم المحواشي و قد جاء من العاصمة يتتبع أخبارا عن بعض الألعاب التي تقام في الأعراس و المواسم و يده تضغط على آلة التسجيل كلما تذكّر أحدهم شيئا يُدلي به، كان التحرّي يومها عن كُرةٍ من قماشٍ تُضرب بعصا معقوفة الرأس، و إذ أكتبُ هذا فإن المشهد كأنّما ينبعثُ من خلفِ الضباب. تحامل عم الهادي على نفسه و دبَّ على عصاه عابرًا الطريق، و عند الحافّة انحنى مُقوّسا ظهره حتى بلغت يده اليمنى قطعة تلّ، و إذْ يرفعها فليُبربِشَ بها شيئا بدا له بدا لمعانه متواريا خلف شرنقة من غبار، ربما لأول وهلة ظنّ أنها شيء نفيسٌ، غيرَ أنّ الحظّ لا يُكرر وقوعه دائما، فانبرى ينفض حصاةً كأنما علقت ببلغته الباهتة يواري بها خيبة المسعى و تجشُّمَ الانحناء. لم تعبرْ سيّارَة الطريق، و لم يكلّف عم الهادي نفسه عناء التأكّد و اكتفى بزحزحة خطواته ...
ورق تفائلوا... إنّ الفألَ منَ النِّعمِ في بلَدٍ   نحنُ فيه أزْرى من الغَنَمِ تفائلوا... ورَقُ الحمّامِ- لو تعلموا... في بلدي شأنهُ أعلى   من الحُلم... لم يبْقَ شيءٌ يستحقّ قيمته لا شيءَ يُرْجى... حتى خِرْقَةَ   العَلَمِ
أيام تمرّ السّحب بعبثها الرمادي الكئيب مخلّفةً بُقعًا زرقاء من الصّفاء المتألّق كوميض نورٍ ينبعثُ بغير إرادة.  نحو الأفق يهدأ المرتفعُ كهدوء أيامٍ شابها الصّفاءُ فمضتْ تُكرر ذاتها بالاجترار، و تستقرّ الأنفاس و تبدو ثابتة دونما ثِقل و لا طيش، و انفتحَ المشهدُ على فراغٍ ممُلّ و بعض النباتات المنتشرة هنا و هناك تسقط ظلالها داكنةً مستطيلة فتلوح كأنّها رسْمٌ قبيحٌ لعلامات الثواني و الدقائق على شاشة ساعة مُتْربَةٍ فقدت عقاربها منذ حين. تبدو التلّة من الأعلى كفوهةِ بُرْكانٍ يئست الزّمجرَةَ و كرهت تفاعلات الكبريت فآثرت الهدوء. و إذْ فقدت صخبَ الثورة فقدْ استسلمت للهدوء دونما ضجر أو احتجاج، و فضّلت المراقبة عن كثب و سمحت للبراعم القادمة مع الريح أن تُجرّبَ حظًّا بعيد المنال. و كأنما يرتفعُ نسيمٌ باردٌ مثخنٌ برطوبة عفنة ملطّخة بأنفاسٍ غاثّةٍ من الأسفل فيكشف بالقوّة عمّا خلف الأفق ما أن تتلقّى الحواس التي بدأت في الاسترخاء لتوّها لكمة عارضَةً فتستفزّها كطنينِ بعوضة في ليلِ السّهاد. نحو الأسفل كانحدار الزّمن ساقطًا إلى البرودة المطلقة نحو العدم حيث تُصهر الثواني مع الخطوات ...
 ميشلان لعلّكم انتبهتم أن عم الهادي لم يتناول إفطاره بعد، مكتفيا بـــ"دَڨّة" 1 النّفة الصباحية و كأس الشاي الثقيل، على كل فإنّ ذلك لم يكن سهوا من الكاتب، فإفطار عم الهادي يخضع لطقوس مقدسة. الشمس الآن في السماء، و كلما تقدّم الضحى انحسر الظلّ و بعد قليل لن يعود هناك متسع للجلوس. دبّت الحركة في الطرقات و ها هو سالم الحاج بصدره المنفوخ و أنفه الشامخ يمشي مزهوّا كالطاووس و لا يسلّم، كان ينتظر أن يبدأ القوم بتحيته. موظّف في الحيّ الإداري يجب أن يبادر الناس بالسلام عليه، يُفترض هكذا-ظنّ سالم ولد الحاج. طبعا، عند عم الهادي و جلساءه ذلك يعادل دسّ الأنفِ في الرّغام. سالم ولد الحاج كان يزجرُ البغل، ضاغطا بكلّ قوّته على المحراث عندما توقّفت سيارة الحرس و معهم "الشيخ" 2 ذاك الصباح الخريفيّ و أخذوا الشابّ سالم بكر والديه و أمروه بأن يحضر في ذات المساء إلى مكتب الشيخ ليستلم صباح الغد وظيفة كاتب في أحد مكاتب الحيّ الإداري. الشاب سالم من القلائل الذين عرفوا فكّ الخط، و بعض الفضل يعود لجدّه الذي عاشر الفرنسيس مدة من الزمن. يُقال أن الحاج والده ندَبَ وجهه و امتنع ع...
 ميشلان  عم الهادي ينتقل الآن ليجلس في الخارج على "ديسك" عجلة جرّار صدئة و تحتها قرْضةً مثلومة شُدّا إلى بعضهما بشيء من التلّ و فوقها جلدُ خروف يملأ تماما تجويف الديسك العلوي فتكون على قياس عم الهادي تماما. و  غير بعيد في البطحاء التي التهمها الطريق، ينحني سي يونس يُزَهّرُ الكانونَ بقطعة كردونة بعد أن بلل الفحمات بما وجد من  بقية ڨاز بفرشاة الدهن من صفيحة ألقيت فيها عجلات صغيرة صدئة. مرّ الحاج محمّد على حماره المصري دون أن يسلّم، و يبدو من حمولة الشواري أنه يتجه إلى السانية و ليس إلى الهنشير. تنخّم عم الهادي و أرسلها كقذيفة مدفع مُدوّية لتقع على بعد ثانية زمنية من حافر الحمار على الاسفلت المغبر فبقيت هناك ملفوفة كشرنقة، بعد قليل حين يعبر عم الهادي إلى الظل سينحني ليُبَربِشها بعود، من يدري، ربما كانت لُقْطة! أما الحاج محمد فتظاهر كأنّ شيئا لم يكن، و لم يمنع ذلك عم الهادي من سرد حادثة عرس الحاج محمد و كيف بعد أن دخل على عروسه تسلل إلى الحقل حيث ترك رسلة الغنم دون رقيب و بقيَ يترصّد السرّاق و كاد يردي أحدهم ببندقية الصيد... "يقطع جهدو ملاّ جيفة". و في تلك ا...
ميشلان دفع "ميشلان" باب الڨاراج* برفقٍ ما أن انصرف آخر الرّفاق. في قعر الڨاراج ممر خلفي يؤدّي مباشرة إلى زريبة الدار، و الزريبة نعمة في حدّ ذاتها، فزيادةَ على النسيم الشمالي التي توفّره أيام القيظ فإنها تلعب دور العازل الصوتي في الليالي الصّاخبة، و ما أكثرها. عبَر ميشلان الممر فكاد يدهس الأرنب العجوز في طريقه و متحسسا بيديه حجارة الحيطان حتى أفضى إلى الهواء الجاف و ضاقت حدقتاه قليلا حين أحسّتا تلك البُهرة الخافتة من قبل الشرق. لم يبقَ إلا القليل و ينبلج الفجر، غسل يديه و وجهه في السبّالة و مضمض و استنثر ثم أهال حفنة من الماء على رأسه و رقبته و مضى كأنه يصعد درجا ملتويا غير مرئيّ ليوقظ "عم الهادي" لصلاة الفجر  و ينظر في حوائج العجوز قبل أن يخلد للنوم. ميشلان هو وحيد أبويه، و لم تنجب محبوبة غيره. يقول عم الهادي "قعْدتْ نُقْبة في قلبي" لذلك فلا ينفكّ يكرر وصيته لإبنه "أريد اثني عشر صبيّا قبل أن أموت". يخرج عم الهادي من الباب الأمامي يدبّ على عصاه إلى المسجد و منه إلى الباب الأمامي للڨاراج فيدفعه بعصاه و يجلس. و بحنكة الخبير المتمرّ...
مذكرات عبسلام الموسم3  الحلقة8 عنّ لعبسلام أن يستريح قليلا، فانزوى بين صخرتين عظيمتين في الجبل و أرخى للنوم عضلاته. كان كل شيء آمنا فلم تراوده الرؤى و لم يقض مضجعه سوى تلك الحجارة الصغيرة من تحته، غير أنها لا بأسَ بها فما من وخزة تَخِزها إلا كُتبَ له بها حسنات و سيذكر ذلك لشيخه فيضاعِفْها له دولارات. و كان هناك بُحيرةٌ صغيرة في الجبل، هادئةٌ في صفاء، و العصافير تزقزق، فراقَ له المشهد. و قلبُ عبسلام حسّاسٌ و رقيق يتدفّق بالرومنسية و يضجّ بالحياة، فأقعى يتأمّل. و روحه نهمة لا ترتوي أبدًا، عبسلام يا عبسلام، أتعبت من بعدك! ثمّ نظر في السّماء. قال: "نحرفُ خطَّ السيرَ قليلا إلى الشمال"، و رفعَ عصاه. و كانت تلك آخرُ كلماته، و الربّ وحده قَمِنٌ أن يعلم من أين لعبسلام كلّ ذاك الجَلد. سارَ عبسلام أيّاما و لياليَ مطمئنّا يحرسه النجم و يرعاه و يُظلله الغمام حتى ألفى نفسه في الشمال يطرُق مدينة لم يفقه من كلامها شيئا. و أحيطَ به من كلّ أقطارها فأسقط في يديه و أغميَ عليه.
  مذكرات عبسلام الموسم3 الحلقة7 تناهى الصّراخ إليه خافتا أثيريًّا كوخزٍ دقيقٍ لإبرةِ الطّبيب ذاك المساء الحزين حينَ أصيب بالزكام، و طفت ذكرياتٌ بعيدة إلى سطح الذاكرة فسرح بخياله يتبعها فكان أن صفنَ بقدمهِ و مدّ يده يحكّ بها ما استطال من لحيته. عبسلام صافنٌ هنا و نسيمٌ دافئٌ يُطوّح به و وخزٌ لذيذٌ يُداعبُ خلايا جسمه كأحلامٍ ساخنة بالمتعة. و فجأةً كانت وخزةً شديدة نبّهته من خشوعه و رمت به إلى واقع الحال... كان النّملُ قد استنفر عديدَهُ، و اصطفَّ الخميس. رَبّاه! أنّى لعبسلام رفيع الحسّ، الأنيق المسالم  بهذا الحشد! رباه! لا طاقة له اليوم بالنّمل و جنوده. حتى طير السماء توقّف في فضاءه، حتّى الشّمس انكسفت و الرّيح فغرت فاها و انحبس النّفس. ربّاه! من أين لعبسلام طوقَ نجاة! انتبه عبسلام، و بكلّ رباطة جأش و حكمة ملأ صدره بالهواء ثبَّت بكلّ ثقةٍ خُطْوته و رفع يديه عاليا و ردد في هدوء ملَك: السّلام عليكم أهل الوادي، هذا عبسلام صهر الشّيخ و صفيّه، أنذرتكم باسم الشّيخ الأعظم، تراجعوا. قالَ كازًّا على أسنانه و قد عقد السبّابة على الإبهام مُطوّفا يده في الهواء. ...
مذكرات عبسلام الموسم3 الحلقة6 خرَّ إذنْ عبسلام ساجدا ما أن لاح له طيف صِهره، و ظلّ كذلك حتى أذِنَ له. فهبَّ واقِفا رغْم تَيَبُّسِ غضاريف ظهره. دنا الطّيف و تدلّى و قدْ عضّ على شفتيه، ثمَّ راح يغُطُّ عبسلامَ حتى كادَ يقطعَ نفَسَهُ و هوَ يُردد: -إقْرَاْ، رَبّك! -ما أقرأ؟ -إقرأ اللافِتة يا... بُنيّ! و كان في اللافتة تحذير من حُقول ألغام. ثمّ زوّدَهُ بإرْشادات أخرى جعلها في طيّ الكتمان. و مضى الأمر بسلام، و كأنما عبسلام قَدْ بُلِّغَ الْكَمَالَ فِي أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، فَكَانَ مُسْتَوْفِياً سِنِينَ كَثِيرَةً. و انطفأ الطيف كما نجمٍ قد هوى. قام عبسلام خائفا حذِرًا يتثبّتُ مواضعَ قدميه ألاّ تزولا بتأنٍّ و صبْرِ حمارٍ مَخافَةَ أنْ يُنْسَفَ نَسْفًا حتى بَلغَ- بعد لأْيٍ مأمنًا على حِرْشٍ من الأرض، فقام هُنيهَةً يستردُّ أنْفاسَه، فإذا به فوقَ قرْيَة النّمل، و سمعَ صُراخًا...