خشخش البوق مرّة أخرى ثم خمد، إنه عامل الصيانة
الغبيّ في كل مرّة يحاول فصل الكهرباء عن الميكروفون يأتي بأعاجيب، أحيانا يستعصي
عليه فكّ عُقدِ الأسلاك فيمتّع أسماعنا بسلسلة من الأدعية على المباشر تتناول ربّ
الخيوط و دُبُر أمها و أبيها و كل ذي علاقة.
انقطعت فجأة سلسلة الضحكات و الخشخشات معا و دوّى الرّعد من ناحية الغرب. كان الزّقاق خاليا و لا رِكْزَ لآدميّ. نطّ قطّ رماديٌّ من بين قضبان شبّاك صدئٍ و أسرع -منتصب الأذنين-حتى بلغ كيس زبالة أسودَ مَفْرِيٍّ و دون تردد اعتلى قطّة سوداءَ لا تكاد تبين كانت حاشرة رقبتها تنتقي رزقا و ببداهة غريزيّةٍ أجاد تثبيتها بعضّة مُحكمة في رقبتها. استقام ذيله، و لم تُبدي صدّا. في تلك اللحظة أطلّ غضنفرٌ لا يستقيم إدراجه ضمن الهررة، أشهب، عظيم الرّأس، قصير الأذنين، طويل الشوارب، جاء يمشي بهدوء و وقار من بيت أزيلَ جداره الخارجي و أستعيض عنه بألواح خشبية. نبّهته أنقاض البناء و أكداس الرّمل فشكر السّماء أنه يوم جمعة يرتاح فيه عمال البناء.
شدّهما المشهد معا و أغضبه تطفّل القط الثالث الذي ظلّ يتشمم و يحوم حول العاشقَيْن، و انحنى يلتقط حجرا لولا الضحكة التي بدت له خليعة مستثيرَة فانتصب و أحسّ قضيبه ينتصب فثنى رقبته يتأمّل النتوء الفاحش أسفل حزامه و استهجن أن يمدّ يده ليُعدّل وضعَ عضلة اللحم. و التقت نظراتهما.
نزل نسيم نديّ بدّد رتابة المشهد ثمّ ارتدّ صاعدا رافعا معه جلباب ابنة الإمام كاشفا اسطوانات من مرمر صقيل و شعر بدقّات قلبه بين فخذيه تماما بينما لا يزال القطّان في حشرجتيْهما غير عابئين بتقلّب الطقس.
حدس أنها لا ترتدي شيئا تحت خمارها الفضفاض و أراد أن يسأل إن كانت تشعر بالبرد، لكنه كان مسكونا بعاصفة من أوار لم تترك متنفسا لمقدّمات رومانسية، و تقلّصت الخطوة بينهما إلى لا شيء. دفعها حتى أسندها الجدارُ و كفَّ السمع و البصر و العالم و القطّان و الناس و الإمام و السماء و المطر. ظل يتحسسها مطبقا عليها بكامل جسمه مانعا كلّ مقاومة قد تأتي، لكنها لم تأتي.
صدرت عنها بعض تأوّهات لذيذة أذكت العنف في أصابعه و هو للتوّ أقرب إلى وحش أعمته الغريزة و أصمّته فلم ينتبه لصدق حدسه، ظلّت أصابعه تجول حينا و لا تتوقّف بينما كان فمه يلقم نهديها الأصمّين ثم أحكم ملء كفيّه من تلك المؤخّرة المُعجزة، لو كان عقله معه لأقسمتُ غير حانث أنه سيسأل عن العلاقة بين الإعجاز و المعجزة و العجيزة، و لأقسمتُ بارّا أنه سنتهي إلى مُسلّمة لا يرقى إليها شكّ: يكون الموت المُعجِز بين فخذيْ امرأة، هكذا يُغتال الملوك العظام، لكنه صعلوك عاطل محكوم برداءة الزمن و ممهور بمرسوم نِظاميّ رسميّ.
بعد أن تحسس كتلتيْ الشحم المعجِزَتيْن في تناسقهما و نفورهما و انسيابهما الرّياضي في منحى بيضاويّ مثالي ساقه المسار إلى محاولة رفع الجلباب، و انتبه حين لوت ساقها حول قصبة ساقه لتمنعه -أنها عارية تماما تحت القماشة السوداء.
لعلّه استعاد وعيه و القطّة تمرُق عبر الحاجز الخشبيّ و على أثرَِها القطّان يزمجران.
سيارات تُزمّر من بعيد و أبواب ترتدّ هنا و هناك، و تمضي الحياة رتيبة رتابة الدّعاء الذي تتقاذفه الرياح و لا يبلغ السماء في ساعة الاستجابة هذه.
حكّ خَصْتيه و سحبها عبر الألواح.
و كالقطّة تماما لم تبدي صدّا.
انقطعت فجأة سلسلة الضحكات و الخشخشات معا و دوّى الرّعد من ناحية الغرب. كان الزّقاق خاليا و لا رِكْزَ لآدميّ. نطّ قطّ رماديٌّ من بين قضبان شبّاك صدئٍ و أسرع -منتصب الأذنين-حتى بلغ كيس زبالة أسودَ مَفْرِيٍّ و دون تردد اعتلى قطّة سوداءَ لا تكاد تبين كانت حاشرة رقبتها تنتقي رزقا و ببداهة غريزيّةٍ أجاد تثبيتها بعضّة مُحكمة في رقبتها. استقام ذيله، و لم تُبدي صدّا. في تلك اللحظة أطلّ غضنفرٌ لا يستقيم إدراجه ضمن الهررة، أشهب، عظيم الرّأس، قصير الأذنين، طويل الشوارب، جاء يمشي بهدوء و وقار من بيت أزيلَ جداره الخارجي و أستعيض عنه بألواح خشبية. نبّهته أنقاض البناء و أكداس الرّمل فشكر السّماء أنه يوم جمعة يرتاح فيه عمال البناء.
شدّهما المشهد معا و أغضبه تطفّل القط الثالث الذي ظلّ يتشمم و يحوم حول العاشقَيْن، و انحنى يلتقط حجرا لولا الضحكة التي بدت له خليعة مستثيرَة فانتصب و أحسّ قضيبه ينتصب فثنى رقبته يتأمّل النتوء الفاحش أسفل حزامه و استهجن أن يمدّ يده ليُعدّل وضعَ عضلة اللحم. و التقت نظراتهما.
نزل نسيم نديّ بدّد رتابة المشهد ثمّ ارتدّ صاعدا رافعا معه جلباب ابنة الإمام كاشفا اسطوانات من مرمر صقيل و شعر بدقّات قلبه بين فخذيه تماما بينما لا يزال القطّان في حشرجتيْهما غير عابئين بتقلّب الطقس.
حدس أنها لا ترتدي شيئا تحت خمارها الفضفاض و أراد أن يسأل إن كانت تشعر بالبرد، لكنه كان مسكونا بعاصفة من أوار لم تترك متنفسا لمقدّمات رومانسية، و تقلّصت الخطوة بينهما إلى لا شيء. دفعها حتى أسندها الجدارُ و كفَّ السمع و البصر و العالم و القطّان و الناس و الإمام و السماء و المطر. ظل يتحسسها مطبقا عليها بكامل جسمه مانعا كلّ مقاومة قد تأتي، لكنها لم تأتي.
صدرت عنها بعض تأوّهات لذيذة أذكت العنف في أصابعه و هو للتوّ أقرب إلى وحش أعمته الغريزة و أصمّته فلم ينتبه لصدق حدسه، ظلّت أصابعه تجول حينا و لا تتوقّف بينما كان فمه يلقم نهديها الأصمّين ثم أحكم ملء كفيّه من تلك المؤخّرة المُعجزة، لو كان عقله معه لأقسمتُ غير حانث أنه سيسأل عن العلاقة بين الإعجاز و المعجزة و العجيزة، و لأقسمتُ بارّا أنه سنتهي إلى مُسلّمة لا يرقى إليها شكّ: يكون الموت المُعجِز بين فخذيْ امرأة، هكذا يُغتال الملوك العظام، لكنه صعلوك عاطل محكوم برداءة الزمن و ممهور بمرسوم نِظاميّ رسميّ.
بعد أن تحسس كتلتيْ الشحم المعجِزَتيْن في تناسقهما و نفورهما و انسيابهما الرّياضي في منحى بيضاويّ مثالي ساقه المسار إلى محاولة رفع الجلباب، و انتبه حين لوت ساقها حول قصبة ساقه لتمنعه -أنها عارية تماما تحت القماشة السوداء.
لعلّه استعاد وعيه و القطّة تمرُق عبر الحاجز الخشبيّ و على أثرَِها القطّان يزمجران.
سيارات تُزمّر من بعيد و أبواب ترتدّ هنا و هناك، و تمضي الحياة رتيبة رتابة الدّعاء الذي تتقاذفه الرياح و لا يبلغ السماء في ساعة الاستجابة هذه.
حكّ خَصْتيه و سحبها عبر الألواح.
و كالقطّة تماما لم تبدي صدّا.
تسارع نفَسُه و هو يحوزها بينه و بين الجدار
الخشن و يهصر نهديها تحت صدره بينما كان يُفرِج ما بين وركيها بركبته، و اضطربت
حركاته و هو يرفع جلباها أعلى فأعلى في حين كان لسانه يمتصّ كعلَقَةٍ عطشى ندى
ثغرها. كان يتوقّع أن تتمنّع فتتملّص من بين براثنه لكنه فوجئ باندماجها الكامل و
انسياقها في لُعبة الشّغف فأغمض عينيه مستسلما للذة الصّاعدة و مُتخلّيا عن الحذر.
تداخلت الهمهمات و التأوّهات بمَرْطَقَةِ الشّفاه و خشخشة الأثواب و حركة السّير البعيدة و أنّات الرّيح و رذاذ المطر، و بدت كلّها كصدًى مخنوقٍ يترنّح إلى هاوية بلا قرار، نائيّةٍ قصيّة كأنها في عالم موازٍ يفصله حائط شبه متهدّم.
في ذروة الصّفاء، في القمّة التي يتكاثف فيها الغياب كنقطة، حيث تفقد الأشياء ذواتها و تتفكك إلى هباء حارّ و مُركّز، تنفجر معركة بين القطّين...
زئيرٌ و مواء و أنياب و مخالب و دماء و شعر يتناثر...
غريب! كيف يصير الحبّ وقودا للحرب!
لعلّ الفكرة برقت في ذهنه، لكن القطّين ذهبت البصيرة منهما فلم يهابا التعارك على بعد خطوة من قدميه.
كِسْ عندين ربك إنت و يّاه!
و قذفهما عند الزاوية المقابلة.
تسارعت قطرات المطر تلسع وجهيهما و تنذر بالبَلَلِ، قلّب وجهه في السماء و عاد يتدارك ما كاد ينقطع.
صار جلبابها الآن معلّقا عند خصرها و انكشف المنحدر بين جوفها الضامر و المثلّث الصّقيل حيث تتماهى الموت بالحياة و ينزلق البعث و النّشور –كلاهما إلى المصيَدة الدَّبِقَة للقدر.
أرسل أصابعه تجوس، و انفرجت العُقَد.
ارتفع نسق الأنفاس و اضطرب اللهاث و ارتعدت الأجساد محمومةً كاضطرام ألسنة لهبٍ في هشيم صدِيّ... المطر! أنّى للمطر أن تُخمد ما ذكّاه النّسم!
علقت النار و استعر جحيم القبل.
تمدد قضيبه حتى ضاق عليه الحصار، و انزلقت أصابعه اللزجة تُصارع صفيحة حزامه و دفعها – في رّقّة و عنف- فجثت بين ماءٍ و طين.
عاد القطّان إلى جولة جديدة من صراع أبديّ يُشوّه وجه العالم و يمرّغ وجه الحبّ في... الطين.
و انقطع نفسا القطّين أو كادا.
في الحبّ و الكره نَفَسٌ من الموت بعيون مفتوحة، و تدور الأرض و العالم، مُثقلين و خفيفين، حول نقطة الارتكاز الثابتة، في موضعٍ ظاهرٍ و خفيّ، هناك حيث الانحناءة الاهليجية في مؤخرة ابنة الإمام.
تداخلت الهمهمات و التأوّهات بمَرْطَقَةِ الشّفاه و خشخشة الأثواب و حركة السّير البعيدة و أنّات الرّيح و رذاذ المطر، و بدت كلّها كصدًى مخنوقٍ يترنّح إلى هاوية بلا قرار، نائيّةٍ قصيّة كأنها في عالم موازٍ يفصله حائط شبه متهدّم.
في ذروة الصّفاء، في القمّة التي يتكاثف فيها الغياب كنقطة، حيث تفقد الأشياء ذواتها و تتفكك إلى هباء حارّ و مُركّز، تنفجر معركة بين القطّين...
زئيرٌ و مواء و أنياب و مخالب و دماء و شعر يتناثر...
غريب! كيف يصير الحبّ وقودا للحرب!
لعلّ الفكرة برقت في ذهنه، لكن القطّين ذهبت البصيرة منهما فلم يهابا التعارك على بعد خطوة من قدميه.
كِسْ عندين ربك إنت و يّاه!
و قذفهما عند الزاوية المقابلة.
تسارعت قطرات المطر تلسع وجهيهما و تنذر بالبَلَلِ، قلّب وجهه في السماء و عاد يتدارك ما كاد ينقطع.
صار جلبابها الآن معلّقا عند خصرها و انكشف المنحدر بين جوفها الضامر و المثلّث الصّقيل حيث تتماهى الموت بالحياة و ينزلق البعث و النّشور –كلاهما إلى المصيَدة الدَّبِقَة للقدر.
أرسل أصابعه تجوس، و انفرجت العُقَد.
ارتفع نسق الأنفاس و اضطرب اللهاث و ارتعدت الأجساد محمومةً كاضطرام ألسنة لهبٍ في هشيم صدِيّ... المطر! أنّى للمطر أن تُخمد ما ذكّاه النّسم!
علقت النار و استعر جحيم القبل.
تمدد قضيبه حتى ضاق عليه الحصار، و انزلقت أصابعه اللزجة تُصارع صفيحة حزامه و دفعها – في رّقّة و عنف- فجثت بين ماءٍ و طين.
عاد القطّان إلى جولة جديدة من صراع أبديّ يُشوّه وجه العالم و يمرّغ وجه الحبّ في... الطين.
و انقطع نفسا القطّين أو كادا.
في الحبّ و الكره نَفَسٌ من الموت بعيون مفتوحة، و تدور الأرض و العالم، مُثقلين و خفيفين، حول نقطة الارتكاز الثابتة، في موضعٍ ظاهرٍ و خفيّ، هناك حيث الانحناءة الاهليجية في مؤخرة ابنة الإمام.
انتهى
Commentaires
Enregistrer un commentaire