قرنصنا تحت الحائط الشرقي، ننعم في دفء صباحٍ مشمس من شهر كانون. بقينا محلّڨين
حتى راح النهار و مالت الشمس.
لسبب أجهله تفكّرت صاحبي "لعور" زمن الثانوية أمام المعهد، في تلك الأيام كانت هناك أكداس حجارة و صفصافات من غرس الاستقلال مفرّقَةٌ في تلك البطحاء تُحيط "البئر الجديد" أو يئر "الجديد" سبيلٌ أوقفت للمتجهين شرقا و أغفلها دستور جلولي فارسي، قُطعت الصفصافات الآن من جذوعها للمرّة الثانية على إثر بتّةٍ عمومية لصالح مقاولي الأخشاب شملت كامل الخضراء... قُطعت هناك و بقيت في الذاكرة ثابتة و فروعها في السماء تظلّل النسيان.
صاحبنا "لعور" الذي أحالته البطالة إلى يائس، و المقاهي، باكرا، إلى محترف في الشكبة و البازڨة و ما احتوته الأربعون، انتقل بحكم الضرورة إلى شرطيّ، حتى و إن غابت عنه الوهرة أو فاحت منه رائحة المرناڨ. شرطي طيّب لا يفارق ڨارو الكريسطال مبسمه مع تلك التكويسة التي فرضها شاروق الدخان.
بعد الثالثة ثانوي من ذلك النظام المنقرض افترقنا، آثره الزمن بمجموعة محترفة أحكم رمضان الصيفي نسج خيوطها، و للحقيقة و التاريخ و الأجيال القادمة بقي حبل الود موصولا مع الجميع، لكن "البُرْني" و عصابة الشكبّة كانت لهم الأثَرة.
هي ببساطة مسألة أنفة و ثبات على الأصول و لم تنفع نظرية "من كل شيء بطرف" أو "من كل بستان زهرة" في اقناع رفيقنا "لعور" أن البيلوت أكثر حداثة و أفخم وهرة و انتماء إلى المعاصرة و أن دخول القرن الحادي و العشرين يتطلّب زادا مناسبا و إلا فإن التيار سيقتلعه لا محالة.
كان "البرني" أشد اقناعا و أثقل حجة، فكنا مضطرين ،و ما باليد حيلة، لسلوك المحجّة البيضاء و الدخول لاحقا إلى الألفية الجديدة من بابها الأوسع مخلفين وراءنا صراخا ألهب الحناجر و لم يبلغ السماء و مُقصّرين و مُحلّقين على السُّنَنِ و الأصول.
لا زلت من حين لآخر ألقى "لعور'' على عجل، لا يزال ڨارو الكريسطال يُنبِّغ من على طرف شفته الزرقاء و عينه كما هي، و خيط الدخان طليق يرتفع حتى تُبدّدَه تيارات الهواء السماوية و تشفِطَ من بعده قطرات النيكوتين الطيّارة.
في تلك الخوالي، التي لن تعود، كان الرأس خاليا، و كان الجيب صنوه، يقولون: إذا فرغ الجيب فرغ الرأس، و لكن أنى لهم أن يعيدوا صفاء تلك الأيام!
تبا لتداول الأيام!
تحت تلك الصفصافات و بين أكوام الحجارة نتوارى قليلا عن العيون، كانت الريادة بحكم الخبرة لصاحبنا لعور، فارق السن ثانويٌّ و لا يُعتدّ به فالمسألة تحتاج المبادرة.
السيجارة الأولى مثل كل الأشياء الأولى لها طقوسها و لذّتها... نقش لا تمحوه عواصف السنين.
هتك الحرمات، الجرأة على الممنوع، التحدّي، قد تبدو المسألة، أو الـ "أوّل مرة" مث أوّل قبلة و أوّل حُيّ ثورة متماهية مع التغييرات الجسدية و اثبات الذات، لكن الأمر قد لا يتجاوز وعيا كامنا أو خامدا في دواخلنا بأن اللاشيء هو الفاصل بين الممنوع و اللاممنوع، في الحقيقة هما وجهان لموسى واحدة مسلّطة على رقابنا.
تمّت التجارب الأولى بنجاح، و صاحبنا الأعور لا يترك شيئا للصدفة مغدقا علينا نصائحه و نتاجُ خبرته مُشاع بين أيدينا ننهل منه و نُخمد من معينه أوار اللهفة و حبّ الاكتشاف.
ستائر الدخان تلك التي تُسدل أمامنا صُوِّرَت فيها أحلامنا و أوهامنا أيضا، متحرّكة و صارخة و بألوان الطيف، كان يكفي أن تزيح الستارة لتسدل أخرى و تشكّل مستقبلا جديدا، في الأحلام هناك دائما مجال لمحو الخيبة و الخيارات متاحة و للخيال صهوة!
تنتهي السيجارة، و هي تنتهي دائما بسقوط ملائكيٍّ على دناءة الأرض، و عندما تدوسها بالنعل فذلك انتقام من تلك الوقعة التي وقعتها للتو على أنغام الناقوس التي يتفنن بوّاب المعهد في غرزها في أسماعنا كالإبر... طرقات تؤسس لسَجْنك مدى الحياة في ذكريات "أوّل مرّة".
لسبب أجهله تفكّرت صاحبي "لعور" زمن الثانوية أمام المعهد، في تلك الأيام كانت هناك أكداس حجارة و صفصافات من غرس الاستقلال مفرّقَةٌ في تلك البطحاء تُحيط "البئر الجديد" أو يئر "الجديد" سبيلٌ أوقفت للمتجهين شرقا و أغفلها دستور جلولي فارسي، قُطعت الصفصافات الآن من جذوعها للمرّة الثانية على إثر بتّةٍ عمومية لصالح مقاولي الأخشاب شملت كامل الخضراء... قُطعت هناك و بقيت في الذاكرة ثابتة و فروعها في السماء تظلّل النسيان.
صاحبنا "لعور" الذي أحالته البطالة إلى يائس، و المقاهي، باكرا، إلى محترف في الشكبة و البازڨة و ما احتوته الأربعون، انتقل بحكم الضرورة إلى شرطيّ، حتى و إن غابت عنه الوهرة أو فاحت منه رائحة المرناڨ. شرطي طيّب لا يفارق ڨارو الكريسطال مبسمه مع تلك التكويسة التي فرضها شاروق الدخان.
بعد الثالثة ثانوي من ذلك النظام المنقرض افترقنا، آثره الزمن بمجموعة محترفة أحكم رمضان الصيفي نسج خيوطها، و للحقيقة و التاريخ و الأجيال القادمة بقي حبل الود موصولا مع الجميع، لكن "البُرْني" و عصابة الشكبّة كانت لهم الأثَرة.
هي ببساطة مسألة أنفة و ثبات على الأصول و لم تنفع نظرية "من كل شيء بطرف" أو "من كل بستان زهرة" في اقناع رفيقنا "لعور" أن البيلوت أكثر حداثة و أفخم وهرة و انتماء إلى المعاصرة و أن دخول القرن الحادي و العشرين يتطلّب زادا مناسبا و إلا فإن التيار سيقتلعه لا محالة.
كان "البرني" أشد اقناعا و أثقل حجة، فكنا مضطرين ،و ما باليد حيلة، لسلوك المحجّة البيضاء و الدخول لاحقا إلى الألفية الجديدة من بابها الأوسع مخلفين وراءنا صراخا ألهب الحناجر و لم يبلغ السماء و مُقصّرين و مُحلّقين على السُّنَنِ و الأصول.
لا زلت من حين لآخر ألقى "لعور'' على عجل، لا يزال ڨارو الكريسطال يُنبِّغ من على طرف شفته الزرقاء و عينه كما هي، و خيط الدخان طليق يرتفع حتى تُبدّدَه تيارات الهواء السماوية و تشفِطَ من بعده قطرات النيكوتين الطيّارة.
في تلك الخوالي، التي لن تعود، كان الرأس خاليا، و كان الجيب صنوه، يقولون: إذا فرغ الجيب فرغ الرأس، و لكن أنى لهم أن يعيدوا صفاء تلك الأيام!
تبا لتداول الأيام!
تحت تلك الصفصافات و بين أكوام الحجارة نتوارى قليلا عن العيون، كانت الريادة بحكم الخبرة لصاحبنا لعور، فارق السن ثانويٌّ و لا يُعتدّ به فالمسألة تحتاج المبادرة.
السيجارة الأولى مثل كل الأشياء الأولى لها طقوسها و لذّتها... نقش لا تمحوه عواصف السنين.
هتك الحرمات، الجرأة على الممنوع، التحدّي، قد تبدو المسألة، أو الـ "أوّل مرة" مث أوّل قبلة و أوّل حُيّ ثورة متماهية مع التغييرات الجسدية و اثبات الذات، لكن الأمر قد لا يتجاوز وعيا كامنا أو خامدا في دواخلنا بأن اللاشيء هو الفاصل بين الممنوع و اللاممنوع، في الحقيقة هما وجهان لموسى واحدة مسلّطة على رقابنا.
تمّت التجارب الأولى بنجاح، و صاحبنا الأعور لا يترك شيئا للصدفة مغدقا علينا نصائحه و نتاجُ خبرته مُشاع بين أيدينا ننهل منه و نُخمد من معينه أوار اللهفة و حبّ الاكتشاف.
ستائر الدخان تلك التي تُسدل أمامنا صُوِّرَت فيها أحلامنا و أوهامنا أيضا، متحرّكة و صارخة و بألوان الطيف، كان يكفي أن تزيح الستارة لتسدل أخرى و تشكّل مستقبلا جديدا، في الأحلام هناك دائما مجال لمحو الخيبة و الخيارات متاحة و للخيال صهوة!
تنتهي السيجارة، و هي تنتهي دائما بسقوط ملائكيٍّ على دناءة الأرض، و عندما تدوسها بالنعل فذلك انتقام من تلك الوقعة التي وقعتها للتو على أنغام الناقوس التي يتفنن بوّاب المعهد في غرزها في أسماعنا كالإبر... طرقات تؤسس لسَجْنك مدى الحياة في ذكريات "أوّل مرّة".
Commentaires
Enregistrer un commentaire