في بحبوحة المجد
الحلقة 3
طوّفت روح عبسلام في
مدارات وردية و زرقاء تعجّ بالحياة و الألق حتى استقرّ كوكبها في ذلك البستان عند
أسوار أغماتَ، أرتعب لمرأى الحمار الذّكر يتشمّه.
في الهيكل، و تحت ثريّا القناديل، كان المُسمّى الصحبي يتعصّر خاشعا، تُلْقي عليه الظّلال مهابةً و جلالا، أكمل الوِرْدَ جامعا كلّ شتاتٍ، فلم ينسَ حرفا و لم يهمل غُنّةً و لم يتهاون في ادغام و لا وصل و لا وقفٍ، كما أملاه عليه شيخه ذات أصيل في بعض حلقات الذكر أيام سنين الجمر.
و اختفى الصّحبي عن الكامرا و عن أعين الملائكة الموكلين و الذّبابة الخضراء و الشّجر و الحجر و العالمين، عدا عينيْ شيخه المهيب.
حشرج عبسلام و حرّك يده كأنما يهشّ شيئا، ثم عادت الحشرجة أكثر استرخاء و لينا، ثمّ ثالثة كَسْلى.
صاح الشيخ زاجرا:
-كفى... يزّيه!
و انتفض عبسلام، و سُمع صوتُ عُطاسٍ أو ربما ضراطٍ، غطّاه دُوَّةٌ قريبةٌ و صفْقُ أبواب، شهد الناس فيما تلى أن اعصارا محلّيا رُئِيَ يُدوّمُ فوق المعبد الأزرق.
و استوى عبسلام جالسا و رجلاه ترتعشان متدلّيتان من على طاولة الاجتماعات.
و لبث كذلك في سُبُحاته حينا محمدلا محوقلا مهللا مستغفرا، بينما في الخلف غير بعيد ومض خيط كالبرق تلاه فرقعةٌ جافّة ثم تلاشى كل شيء مسفرا عن الصّحبي مُنهكا أشعثَ أغبرَ يكاد يتهاوى من الإعياء.
أشار له الشيخ:
-هيتَ لك، أخرج عليهم فأوحِ إليهم الآيات.
و سيق الناس بعد ذلك ليروا رُؤيا اليقين و تطمئنّ قلوبهم و يزداد الذين آمنوا إيمانا و تكون حسرة في قلوب الآخرين.
و تقدّم شاعر مخضرم فأُجيز:
قِفْ صاحبي كلّما جُزْتَ الحِمى العَطِرٍ__و اشهدْ بعينك وجه الشّيخ كالقمر
إليه تُضربُ أكبادُ المِطى خبَبا__تُعْطى ثوابا و تَنسى وعْثةَ السّفَر
شَيخٌ بأمر الرّبّ كان مبعَثُه__للناس قاطبةً، و الصّخر... و الشّجَر
جئناك من فورنا مشْيا و رُكبانا__و إن تشأْ جئنا حبْوًا على الدّبُر
ودّعتُ لذّاتي مذْ جاءني خَبَرٌ__و الشّوقُ يدفعني، لِــلذّةِ النّظَر
لا ثغْرَ أرشُفُه مُذّاك في دَعَةٍ__أو خمْرَ أشربها ليلا، و في السّحَر
إنّ الذي جعل النّهود ناهدةَ__ يا شيخُ، علاّك فوق الشّاء و البقَر
دانت لك الأرض و السّلطان طائعةً__فانكح بربّك ما لقيتَ و ادّخِر
و اشتعل المعبد بالهتاف و التكبير و التصفيق، و تنادت أصوات من هنا و هناك:
-ارمهم و الروح القدس معك!
-زدنا يا أخا الاسلام
-لا فُضّ فوك
-جازاك الله ألف حورية و ألف دُبر
و هكذا، رفعوا الشاعر على الأعناق حتى زجرهم شخص يقال له لطفي، عظيم الآليتين منفوخ الصّدر، فتداعت الضوضاء و حل محلها صمت مهيب زاده جلال الشيّخ رهبةً و إشراقا.
قال الشيخ:
-اقطعوا لسان هذا الخبيث.
و في الحين انقضّ عليه ذاك المسمّى لطفي في حين شَهر شخص يقال له الصّادق نَصْلةً كانت في جيبه و استعدّوا للقطع.
في الهيكل، و تحت ثريّا القناديل، كان المُسمّى الصحبي يتعصّر خاشعا، تُلْقي عليه الظّلال مهابةً و جلالا، أكمل الوِرْدَ جامعا كلّ شتاتٍ، فلم ينسَ حرفا و لم يهمل غُنّةً و لم يتهاون في ادغام و لا وصل و لا وقفٍ، كما أملاه عليه شيخه ذات أصيل في بعض حلقات الذكر أيام سنين الجمر.
و اختفى الصّحبي عن الكامرا و عن أعين الملائكة الموكلين و الذّبابة الخضراء و الشّجر و الحجر و العالمين، عدا عينيْ شيخه المهيب.
حشرج عبسلام و حرّك يده كأنما يهشّ شيئا، ثم عادت الحشرجة أكثر استرخاء و لينا، ثمّ ثالثة كَسْلى.
صاح الشيخ زاجرا:
-كفى... يزّيه!
و انتفض عبسلام، و سُمع صوتُ عُطاسٍ أو ربما ضراطٍ، غطّاه دُوَّةٌ قريبةٌ و صفْقُ أبواب، شهد الناس فيما تلى أن اعصارا محلّيا رُئِيَ يُدوّمُ فوق المعبد الأزرق.
و استوى عبسلام جالسا و رجلاه ترتعشان متدلّيتان من على طاولة الاجتماعات.
و لبث كذلك في سُبُحاته حينا محمدلا محوقلا مهللا مستغفرا، بينما في الخلف غير بعيد ومض خيط كالبرق تلاه فرقعةٌ جافّة ثم تلاشى كل شيء مسفرا عن الصّحبي مُنهكا أشعثَ أغبرَ يكاد يتهاوى من الإعياء.
أشار له الشيخ:
-هيتَ لك، أخرج عليهم فأوحِ إليهم الآيات.
و سيق الناس بعد ذلك ليروا رُؤيا اليقين و تطمئنّ قلوبهم و يزداد الذين آمنوا إيمانا و تكون حسرة في قلوب الآخرين.
و تقدّم شاعر مخضرم فأُجيز:
قِفْ صاحبي كلّما جُزْتَ الحِمى العَطِرٍ__و اشهدْ بعينك وجه الشّيخ كالقمر
إليه تُضربُ أكبادُ المِطى خبَبا__تُعْطى ثوابا و تَنسى وعْثةَ السّفَر
شَيخٌ بأمر الرّبّ كان مبعَثُه__للناس قاطبةً، و الصّخر... و الشّجَر
جئناك من فورنا مشْيا و رُكبانا__و إن تشأْ جئنا حبْوًا على الدّبُر
ودّعتُ لذّاتي مذْ جاءني خَبَرٌ__و الشّوقُ يدفعني، لِــلذّةِ النّظَر
لا ثغْرَ أرشُفُه مُذّاك في دَعَةٍ__أو خمْرَ أشربها ليلا، و في السّحَر
إنّ الذي جعل النّهود ناهدةَ__ يا شيخُ، علاّك فوق الشّاء و البقَر
دانت لك الأرض و السّلطان طائعةً__فانكح بربّك ما لقيتَ و ادّخِر
و اشتعل المعبد بالهتاف و التكبير و التصفيق، و تنادت أصوات من هنا و هناك:
-ارمهم و الروح القدس معك!
-زدنا يا أخا الاسلام
-لا فُضّ فوك
-جازاك الله ألف حورية و ألف دُبر
و هكذا، رفعوا الشاعر على الأعناق حتى زجرهم شخص يقال له لطفي، عظيم الآليتين منفوخ الصّدر، فتداعت الضوضاء و حل محلها صمت مهيب زاده جلال الشيّخ رهبةً و إشراقا.
قال الشيخ:
-اقطعوا لسان هذا الخبيث.
و في الحين انقضّ عليه ذاك المسمّى لطفي في حين شَهر شخص يقال له الصّادق نَصْلةً كانت في جيبه و استعدّوا للقطع.
Commentaires
Enregistrer un commentaire