Accéder au contenu principal

بعضُ خَبَرِ أبي بُشَيْلَة1

هدأت العاصفة و لم تسفر عن شيء، الغبار يتهاوى كستار هرّأت كبده الشمس فتخلّق، و بين الحين و الاخر تومض حزمة من شعاع، و في الأعلى تكاد تبين الشمس كأنها دينار من عمل الأولين طمس النّقد حروفها فهي كقرص رماه حكمٌ لقسمة ضيزى.
لمحت أبا بُشيلة يتحسس خطم الناقة ثم يردّه إلى صدره فكأنما يحتضنه فهممت أسأله فإذا هو ينزع لثامه عن وجهه و يقول أمرا:
-أقم مطيّتك!
ونشب واقفا كحيّة لسعها الرّمض:
-زعْ!
"
لئن تبعتك أخرى لأحلقنّ شاربي"! هممت أن أرميها في وجهه و لكني عدلت إلى السلامة.
رحنا نخبُّ ساعة و الذّرْوُ ينثال كهباء السُّدُم على رؤسنا ثم ينكسر فيعمّي الأثر خلفنا حتى انكشف سهل أسفل ربوة كأنّها ضرسٌ خرمه السوس. أشار أبا بشيلة إليّ أن تمهّل، و كبح زمام بعيره و راح يفحص بعينيه ما يرى في حين استبق البعيران أيّهما يجترّ أكثر.
في الجوار رُفقة و ماء، هلمّ نحطّ الرحال
و همز البعير فهمزتُ، فرغيا كالمستبشرين فأرسلا حتى كانت خفافها تقدح ما استغلظ من حصى.
    عندما بلغت المطيّتان بحبوحة السّاحة تناهى إلى السّمع نباح كلاب زاجرة فكأنّ الريح تلقيه من علٍ، و ما كانت إلا خطوة حتى أحاطت بنا سوداءَ يتطاير الشرر من أنيابها و عيونها كالجمر متّقِدٌ في كير حدّاد.
أسفرَ أبو بُشيلةَ عن ابتسامة خبيثة حين ضيّقتْ عليه الضواري الطّريقَ و أشار إليّ بيده فرُحتُ أحثّ الدابتين على البروك.
رأيته يعمد إلى حزامه فيفكّه، فكدت أسقط من الضّحك. يقال أن الكلاب إذا رأت بشرا عاريا هَرَبتْ و لها عُواء، غير أنّي لَمحته يتلمّسُ نصف رغيف فيكسره بين يديه ثم يَهصُر كلّ كَسرٍ بين أصابعه حينا حتى إذا طرّاه بعثه في الهواء حتى يقع بين أقدام الكلاب. ما مضت ساعة حتى كانت الوحوش ألطف من القطط المتكاسلة فهي تهزُّ أذنابها مُرحّبَةً كأنّ بيننا ألفَةٌ من ماضي السّنين.
نَصب كلٌّ خباءه و رحنا نوقِد من اللّمَمِ للعشاء.
قال أبو بُشيلة متأفّفًا: 
-سئِمْتُ الدّقيقَ و قرِمتُ إلى اللحم.
و راح يُحمّشُ النار و هي تتأجّجُ بين يديه و هو ساهم يتأمّل طرف العود.
قلت:
-نفد الماء، أترى إن سفَفْنا الدّقيق أيضُرُّ في شيء؟!
حدجني شَزَرًا و قام يتمشّى، حتى إذا صار في أعلى الرّبوة قَلَصَ رأسَهُ و أقام أنفه و سبّابته اليمنى مرفوعةٌ ثمّ دار و استدار كالخذروف حتى خلته نَعَس. ثم ها هو يحثّ الخطْوَ و بعض كلابٍ تتبعه و لا ينظر إليها حتى كانَ عند رأسي.
يا ابن نافخ، إنّي أشُمُّ ريح أنثى و ماء!
قلت:
-كلاهما رواء، فاظفر بالماء لا رَغِمَ أنفك، فنحن أحوج إليه، و لعلّ الأنثى تمكث، فاذهب و تحسس!
و رميت إليه القربة.
    سقطت الشمس في هُوّة الليل و تبدد الشفق و ما آب أبو بُشيلة بعد. قلت في نفسي لعلّه أردى نفسه في بعض الهلكات و تملّكني الخوفُ حتى لبسني و رحت أخيط المكان و العرق باردا يتصفّد كأنّه ندى ليلةَ سَمٍ.
و فجْأة هرّت كلابٌ و لمحتُ خيال صاحبي يقود القَمرَ خلفه و القرْبةُ على عاتقه و في يده شيء كاستدارة رغيف.
جلس فأذكى اللهبُ اشراقَةَ وجهه و حوّمت عند جبينه هالة من البِشرِ، لعَمري ما رأيت أبا بُشَيْلَة على تلك الحال منذ خَلُصنا من وَقْعةِ ضَبْعَةِ عَفْر عند وادي بَبّوش. يومها كادت البنادقُ تنخَلُ عظامنا و تفري لحمنا لولا حفظ الله.
ما خاب حدسُ أبي بُشيلة يوما لو أتبَعَه برأي، و لكنّ الرأي قبل شجاعة الشجعان، و قد خاب من لم يستشرْ.
قاده أنفه إلى القوم الذين حجبتهم التلّة عنا، و راح يتردد إليهم كامل اليوم و يطيل السّهر عندهم، و هو في كل ذلك يتعمّد الانفراد بالتي خلبت أنفه، فكما تعشق العين و الأذن أحيانا فالأنف قد يسبق و لا وحشة في ذلك.
ظلّ يواعدها ثلاثة أيّام بلياليها، و ظلّت تماطله و تمنّيه و رمش العين بينهما رسول حتى أنفق ما عنده متملّقا متزلّفا.
في اليوم الرابع أسرّ إليّ بشكواه، قال:
أبوها هردبّةٌ خررْدِبّةٌ ألأم من حَنش، و إخوتها غلاظ جلافٌ، ضيّقوا عليّ فما ظفرت منها بشيء و قد وقعتِ العينُ على العينِ و خفق القلب للقلب و هم غدا يرحلون.
قلتُ: لئنّك قد حَلَلْتَ مضربهم و ألفت سَمَرهم و عرفتك كلابهم فلا شكّ علمت مخادعهم، فإذا كان الليل صاحَبْتك علّني أتدبّرُ لك رأيا، فما لك في الصّواب قيدَ أنمُلة. فإمْضِ الآن إلى بعض الحوانيت فإتِ برطل من الشّاي و شيء من فاكهة، و خذ الجَلَمَ إلى الحدّاد يشْحذْهُ ثمّ ذكِّهِ و زيّته حتى يكون أحدّ من السّيف و عُدْ فلأكيدَنّ لك حتى يُقال "ألأمُ من زُكرة"!
و كان كما أشرتُ.
تلك الليلة تأبّطتُ شرّي و تحزّم بجرأته و مضينا تقودنا الكلاب.
   قلت لأبي بُشيلة و أنا أحاوره بينما كنا نطوي الرّحال:
-
جهد الصّبابة أن تكون كما أرى...
فقاطعني اللعين هامسا:
-
لا أنثني أبدا... و لي قلبٌ شبقُ
أخرسني ردّه فلم أدرِ جوابا، ثم رحنا نشدّ البعيريْن إلى وتدين في الأرض.
قلت و قد ران الصّمت:
-
تبّا لك، قتلتني! حقّا لقد قيل قديما "خذ العلم من رؤوس الفكارن"!
ضحك أبو بُشيلة مُستلطفا و أطرق برهةً ثم قال:
-
أخبرني كيف التّدبير يا ابن نافخ:
قلت:
-
أخبرني أوّل بدء إن كنت أخبرتهم من تكون.
-
سألوني فانتسبت، فصدَقت و كذبت
-
كدأبك أبدا، فشنّفْ أذُنك إذنْ و أصِخْ!
و توقّفنا عن السّير وأخذت كفّه في يدي،فطافت حولنا الكلاب و أقعى بعضها و قد ازداد لهاثها،
-
إذا بلغنا ناديهم فحُزْ إلى يمينك عالة الشّاي و اجعل الجمر يفري دُبُر البرّاد حتى ينقطع نفسه، فإذا انقطع فصُبْ، و إذا صبَبْتَ فذكّرْ، و إذا ذكّرت فذكِّ، فإنّك إذا تراخيت تكاسلَتِ النار فيخمد الأوار و ينقطع البخار و يطير الجهد مع الغبار، فتربّص و لا تهِنْ!
رمقني بنظرةٍ يستزيد، فزدت:
-
يا أبا بُشيلة إنّ الخيرَ في البرّاد إذا فار فيقعَ منه ذلك على مُتّقد الجمر فيصير كالبَخور يُذهبُ رائحة الضراط، و يُنعش الأنفاس، و يدفع الجفنَ إلى التّحديق و النّظر و إطالة السّمر، و هذا و ربِّك هو المكر، فاتّعظ!
قال:
كأنّك تُلْجئهم إلى السّهر حتى يهبط إلى مغاربه القمر؟!
قلت:
إي و الذي سمّاك، حتى يقترب الفجر، فإنّه ساعة الفُجر!
فلْنهُدّهم هدّا و نشدّهم شدّا، حتى إذا أناخوا في مراقدهم و غشيَهم من النوم ما غشيَهم، طاف عليهم طائف من ربّك، و لا حيٌّ فيرقُبَك، أوعيت؟!
-
ثُمّ؟
-
لا ثمّ و لا ماذا، فالتزم بما أمِرت حتى تُكمل المشوار، فوحّد المسار.
ثمّ دفعته و سرينا في الظّلام، حتى أدركنا الخيام فأفشينا السّلام.
وجدنا القوم قد تحلّقوا حول العافية في مَجْهرها، و الشّيخ الهردِبّةُ متربِّعٌ على حصيرٍ لم يبقَ من عهد جِدّته غير الذّكرى، و أولاده متباعدين كلّ في عملٍ أُهْبَةً ليوم غد.
و في الجوار كانت إمرأتان في جيئةٍ و ذهابٍ، إحداهما فتيّةٌ عقصتْ شعرها بينما تدلّت بعض غدائرَ فشوّشت صفاء القمر، و ما أن انتبهت لوجودنا حتى وقفتْ ترقُبُ، و عندها تجلّى البدرُ فعذرتُ صاحبي.
جمع أبو بُشيلة وقاره بيُسراه و تقدّم:
-
يا شيخ العرب، هذا صاحبي و أخي زكرة جاء يودّعكم.
و تركني بين يديه و مضى يستأثر بعُدّة الشاي كما أوصيته.
قال الشيخ و قد قوّس الحاجبَ و قطّب الجبين:
-
حللت أهلا يا زكرة يا بُنيّ، ممن أنت فنحفظ الودّ لقومك؟
قلت، و ما أدري ما قلت:
-
من بني مزطول
أطرق الشيخ حتى أعياه التفكير، فما وجد في جُعبته شيئا عن بني مزطول.
فأردفت:
قومٌ مضاربهم البِطاحُ أعلى وادي عُرَيْبَةَ بينَ شُعبَةِ الخَديمِ و دَرّاقِ الحَجر.
هنا، أنعم العجوز برأسه مسَلّما، و ما أحسبُه صدّق حرفا واحدا لولا سيماء الوقار التي تلبّستها على عتبات الحي، و لولا أن رفع أحد وَلَدِه رأسه مؤكّدًا: "نعم، أعرف تلك المضارب، بلغتُها يوم شرد البعير الأشهب".
و أذن لي في الجلوس، و عاد الفتى يدُسّ قوسَ الحبل تحت إليته.
عاد صاحبي فاحتبى و الكانونُ بين يديه ينفخُ فيه من نار فؤاده حتى احمرّا معا، فشهق هذا و زمجر ذاك، و ما لبثا أن هدآ ليُفرغا جامَ غضبهما على البرّاد، الذي، من قلّة حيلته، أنّ ثمّ بكى ثم راح ينتحبُ حين فاض منه الألم فإذا به يَخْبِطُ على رأسه و يستجير و لا مُجير.
و أوقدنا شجرة الحديث حتى استعرت و أنست الأرواحُ و رُفِع التكلّف، و أخذ كلٌّ يقتبس.
و رقّ قلب أبو بُشيلة أخيرا للبراد فأجاره، فأراقَ عُصارة روحه في كؤوس، فإذا هيَ كقِطَعِ الليل مُرَبْرَبَةً يَغْرَقُ فيها حِجْرُ اللبيب. قاتله الله كيفَ أسرعتُ في هواه!
قال الشيخ بعد أن تلمّظ شايَه حتى آخر قطرة، و لولا الحياء لبلغ قعر الكأس بلسانه:
-
لهذا هو الشّايُ، سلمت يدك يا ولدي.
و بقينا كذلك كلّما خَبَتْ نارُنا أذكاها أبو بشيلة بكأس حتى مالت السّماء، فغمزته أن كفى.
و استوينا واقفَيْن.
و ودّعنا القوم آملين أن تجمعنا الطريق ذات يوم، و انصرفنا.
قلت لأبي بُشيْلة لما صرنا على مرمى حجر:
-
رأيتك لا تكلّ عن مراقبة كل حركة، فلعلّك رصدت ما تبغي؟!
قال:
و كيف لي، و ما جئت إلا لهذا! فلا تبخس شأني و أخبرني ما الخطوة الآتية.
قلت:
-
لا أفعل حتى تُخبرني عن نسبك الذي انتسبت.
قال متكلفا الهدوء:
-
من آل عَتْروس
-
قبّحت من خبيث، و الله ما تليق بك إلا التيوس
ثم عدت أمسكه من يده و أعلّمه ما لم يعلم.

قال أبو بُشيلة:
لئن فرّطتُ في هذه لأجافِيَنّكَ متعمّدا و لأهجُرنّ و لأقطعنّ صحبتك ما بقيت، فلا تُمنّيَنِّ و تغُرّنِّ بالأماني و عجّل الآن بالرأي فإنّي ثُقبُ أُذُنٍ و عيْن.
-
أغلق فمك و انبطح، و لننتظرْ حتى تخمد نارهم و يأووا إلى دثارهم، فإنّهم لا يلبثون بعدنا إلا قليلا.
و بينما نحن كذلك إلى الأرض خالدون إذ راحت الكلاب تستلقي من حولنا و بعضها يريد اللهو، فأخرجت من حزامي بعض كسرات و رميتها بعيدا، و ما أن أدركوها حتى ولّوا إلى مرابطهم كلّ بما لديهم فرحون.
راحت الكلاب إذن، فلم نرَ لها إلا أثر الخيال حول الخيام، و أغمضتْ عُيونُ الجمر رموشا من رماد و ساخت في أحلامها الدافئة، فإذا تململت غمز نجم في خيالها و خبا.
سكن النّسيمُ أيضا و كفّت الصراصيرُ و حبس الكون أنفاسه يُصغي لوجيب قلب أبي بُشيلة يرتدّ أمواجا و زبدا.
لمحْتُه تنهشه الرّغبة و الخوف، و الخفّة و الطّيش، و اليأس و الرّجاء، فضغطتّ أصابعه أثبّته فإذا هو كالمحموم و العرق قطرات نبتت عند جبهته.
همست:
من كان مثلك رزقه على طرف غُرلته لا ينبغي له الخوف، فما ظنّك باثنين ثالثهما الشيطان و الملائكة! فقرّ عينا و لا تحزن.
تبسّم بطرا و عينه تستجدي الإذن في الغارة.
قلت:
-
جَرّدْ سلاحك و استعدّ!
فإذا هو يستلقي على ظهره متوسّدا كتفيه رافعا عجزه، و رأيته يُرخي تكّة سرواله بيديه، و هممت أن أرميه بقبضتيّ فكدت أصرخ:
-
ويح عقلك! ما عنيت رُمحك ذاك و إنّما الجلم!
فكأنّما خاب رجاؤه و فترت همّته، فاستدركت مُعزّيا:
-
خذ الجلم بين فكّيك، و ازحف على بطنك حينا و على أربعٍ حينا، و هذه كسرات تبعد بها عنك شقاوة الكلاب، فإذا بلغت الخِدْرَ فإتْ البيت من ظهره فذلك أبرّ لغايتك و أسترُ لحالتك.
ثمّ تريّث و تلبّث و أنت تُطرق السّمع و تُحصي النّفَس، فإنّ العجوز عليها حَرََس، و العجائز شياطينُ خُنّس، فمتى تمكّنت فقُصّ.
و صمتّ برهة ريثما يستوعب الحديث فإذا هو كمن أنعظ كُلَّه، تصلّبت ذراعاه و ضُمّت كفّاه و يَبِستْ كراعاه و انتصبت أذناه و اقشعرّ شعره و اجتمع حاجباه و اتّسعت حدقتاه، قلت:
فإذا فرّجت في الخباء فُرجة فانظرْ فيها بقلبك لا بعينك تعْلمْ أيّهما غايتك، فلا أحسبُ العجوز قبلتك!
ضحك ساخرا و قال:
-
لئنّي أرضى من الغنيمة بالإياب و سفّ التراب، فعندي أنفٌ لا تملكه الكلاب.
قلت:
-
لا رغم أنفك، فإذا تبيّنْتَ الطّريَّ من الأعجف فاقطع بينهما في الحصير بالجلم، و ترفّقْ في السّحب حتى تصير إلى العراء، و حينها فارفع النّعسانَ بين ذراعيك حتى تسترك بعض الشّعاب. و لتهنأكَ البيضُ الكعاب، و لْيَطُبْكَ حُلْوُ الرّضاب.
فإذا فعلت فعلتك التي إن فعلت، تجِدْني مع الرّاحلتين سبقناك إلى الطّريق، فأدركنا عند خنقة الوادي، فَفُزََّ الآن إلى الجهاد، فالفجرُ عما قريب بادٍ.
~~
قلت
-
كيف كان؟
قال:
-
أمرٌ أبحت دمي فيه.
و أتهمنا في قيعانٍ و بحائرَ حتى لاحت منازلنا بين السّباخ.
و هذا مما كان في قديم الزّمان، و الله وحده هو المستعان.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

معنى ش ل ب في لسان أهل تونس

شَلَبيّة/شَلْبيّة، شِلْبة، شلْبَبُّو، شْلَبّة المعاجم العربية لا تذكر في هذه المادة غير مدينة شِلب الاسبانية. بينما الواقع يؤكد تداول صيغ عديدة من الجذر "ش ل ب". مدينة شِلب Silbis  أو    CILPES جنوب اسبانيا البِيتِيّة (الأندلس بلغة الشريعة).  [   بيتيّة bétique ، أشم في الاسم رائحة شيء مخفي إذا قارنا التسمية مع vetus ... تتأكد أكثر بالقاء نظرة على مدينة Salapia الايطالية  Salapia vetus ... الأمر متعلّق بأرض قرطاج ]. و لا نعلم شيئا عن الأساطير المرتبطة بمدينة شلب. أَنا لَوْلَا النَّسِيمُ والبَرْقُ والوُرْ ____ قُ وصَوْبُ الغمام ما كُنْتُ أَصْبُو ذَكَّرَتْنِي شِلْبًا وهَيْهَاتَ مِنّي____ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ التَّبَاعُدُ شِلْبُ المعجم الانجليزي (رغم السقطات) يبقى أهم مرجع. إذا قارنّا بين "ش ل ب" و "س ل ب" و الأصل (السنسكريتي) الذي يقترحه المعجم الانجليزي، فإن المعنى يتّضح... sleep أي نام، ضَعُف، غفل،سُلِب الإرادة...      أخطأ المعجم في مقابلة الكلمة بـ "صُحلب" رغم أنه يعرّف saloop على أنها مشروب مخدّر أ...

مقون MAGON

من يذكر أمه أو جدّته و في يدها القرداش لا بدّ يذكر "المقّون/ مڨُّون" و هو جمع ماقونة أو مقّونة و أرجّح ماقونة و جمعها ماقون دون تضعيف حرف القاف، و الأصل هو حرف الڨG و الدليل هو عدد الناطقين به... في جبل نفوسة و شرق الجزائر (قسنطينة) يسمى المقون "قلوم"... جمع قلم أو شكل القلم. تُصرّ أمي، و قد جعلتُها تستذكر تلك الليالي، أن المقّون هو حكرا من الصوف الأبيض و ليس الملوّن أو المخلوط، و إن كانت كلّها مقونات. و هذا التفصيل الدقيق يكون تصديقا لما سيأتي و حُجّةً عليه. بعد غسل الصوف و ندفه و فرزه و تمشيطه تبدأ عملية الغزل، و مقدّمة الغزل هي القرداش و هو تلك الآلة (صورة 1) ذات الأسنان الرقيقة، و بطريقة مُعيّنة نحصل على شكلٍ مستطيل من الصوف يُطوى مباشرة بحركة من إحدى كفّتي القرداش ليتحوّل إلى لُفافة cigar أو قلم ثم يدويّا يُعطى شكل هلال أبيض بقرنين لتسهيل عملية التّطعيم أثناء الغزل (صورة2و 3). بقية المراحل لا تدخل في موضوع هذه الملاحظة. الإشارة الأولى أن اسم Magon يكاد (من المعلومات المتوفرة) يكون حكرا على الطبقة الحاكمة في الدولة و خاصة قيادة الجيش و...
ذات زمان Once upon a time كان يسكن معنا في الضيعة –كلب. له اسم و بيت و آنيتان- واحدة للطعام و أخرى للماء- و عنده رفقة و عمل قارّ و حمّام في الصيف و تلاقيح كلّما مرّ بيطريّ الحكومة. كانت الأتان رفيقته في العمل، و كانت كثيرة الشكوى و الثورة أيضا، أمّا القطّ ففوضويٌّ كسول. وجب عليّ أن أنبّه أن لا علاقة لقصّتي بابن المقفع و لا لافونتين. ذات يوم مزدحم بالأشياء، سها أحدهم فلم يحكم رباط الأتان فانطلقت متحررة من عقال المسؤوليات تنشدُ أفقا رحبا و كلأ طريا و مرتعا ذي زهر و خضرة. القطّ من مرصده الآمن فوق السّقف المشبّك بالعشب الجافّ كان يتابع المشهد بنصف عين و اكتفى بإشارة من يده أنّ الطريق سالك، ثم أطبق الجفن في حين ظلّ ذنَبُه يتثعبنُ دون جرس. ساعةَ غفلة و الكلب يحصي الخراف الثاغية و عينه على مناوشة قد تستفحل بين ديكين، و الأتان كأنها تحملها نسائم الضحى... حتى أخفاها الغياب. بعد ساعة تقريبا خرجت أمي العجوز في جولة تتفقّد الأنحاء، و حين افتقدت الأتان، نادت الكلب باسمه فجاء مرحبا: -أين الأتان يا ابن الكلب؟ و أشارت بيدها إلى المكان الخالي و الحنق يملأها و الحيرة تنهشها، و تكاد أن تنهال عليه بنع...