Accéder au contenu principal

Articles

Affichage des articles du juin, 2017

بڨْرَات ربّي

     سلّم الإمام منهيا صلاة الظّهر ثم التفت إلى مأموميه مبتدرا التسبيحات. عَبَثا حاولوا اقناعه أن المعقّبات لا تُتلى جماعةً و أن ذلك مخالف للسنّة. عبثا كان. خمسون عاما مرّت و هو في محرابه ذاك لا يحيد عما تعلّمه من شيخه الإمام، و لهذا ورث الإمامة و المفاتيح معا. همّ سي ڨدّور الأن يبتدر السُّبحة و إذ بأحدهم يرفع صوته زاجرا. كان أحد الأعضاء الدائمين في المسجد يُعنّف في ما يبدو أحد الرّواد الجدد الذين أوقعتهم لاقطات البث الفضائي. قال العجوز و هو يرغي: التاحيات الزاكيات هكذا و أطبق الوسطى على الابهام و حرّك السبّابة، لا تتركْ الفراغ أبدا بين الوسطى و الإبهام فإنّ سيّدنا علي فعل ذلك فمرق الشيطان من تلك الفتحة و لكنه استطاع مسكه و هو سيدنا علي و ليس أنت... و أتبع ذلك في غضب: لا أدري من أين تأتون بهذه البدع. همّ الحريف الجديد أن يحتجّ و يدحض الحجّة مما تعلّمه من قنوات البوخاري و لكن سي ڨدّور كان قد مسك طرف الحديث. كلامه يقطر دُررا: إن جئتَ تتعلّم علّمناك و إن جئت تُعلّمنا طردناك. ينتهي. كان ذلك منذ سنوات خلت. أما الآن فهو لا ينظر إلى أولائك الزبائن و لا يُقيم لهم وز...

خمسٌ و عشرون دقّة

   في الخارج، يلفظ النسيم أنفاسه الأخيرة، و أوراق الأشجار عادت مخالبَ من ابَرٍ ستنْشُبُ عمّا قليلٍ في وجه الهاجرة. تقنيَةُ الطبيعة ! راحت الحافلة تكسر الصمت، و النوافذ مُشرّعة للغبار و الريحِ الناشئَةِ من طريقٍ يُطوى و محرّكٍ يئنّ تَحتَ طَرْقاتٍ تُلهبُ براغيه . دخلت الحافلة إحدى تلك القرى العائمة في خُضرة الزّيت، مراكبُ من حجرٍ أحمر ألقت مراسيها و تقابلت وجها لوجه، و أعدمها الصمت... لولا نشاز الحضارة . في مثل هذه السكك لا توجد محطة إلا في خرائط "الكوبانية" 1 ، إشارة للسائق تكفي لفتح ا لباب، "شدّ هنا"، عند الفلّة أو عند الخرّوبة أو عند المِسرب أو في الدّورة... و كلّها تحمل أسماء . -" يرحم والديك " من تحت ظلال خرّوبة انتهت عندها قرية، صعد الحافلة سربٌ من الغزلان يُزيّنها حمارُ وحش. يبدو مما يحملنَ أنهنّ تلميذات يتهيّأن لدورة التدارك تلك . بقيتْ المشاهد في ذهني بكلّ التناقضات التي يُشكّلها مجتمعٌ مغلق في حافلة لخمسٍ و عشرينَ دقيقة تأمّلتها من مقعدي النائي في ضباب العربة الأخيرة . بعد التعارف و التحايا مع نساء و كهول صعدوا من نقاط أخرى، ظلّت الفتيات و...

صباح

يأتي الصّباح مسرعا. القمرُ ابتدر السّماء و حوله غُبار أبيض لا تحمله الرّيح. الريح في الأرض، و الضّياء يلتهمُ بعضه. حين أسفر الصّبح تماما، لم تطلع الشمس. كانت جبالٌ من ضباب تسير رُويدا ثم تنبعثُ نحو سماء لونها رصاصٌ أشهب. قال بعض كبار السنّ، سمعتهم و أنا أمرُّ –في تلك المجالس التي تأبى أن تنفضّ، تتمادى في غيّ السهر: ضباب النصف الأوّل من يونيو (جوان الفلاحي) لا يضرّ، قال آخر: هذا الفجر و فجر الغد، غمامتان تستبكران الخريف. قلت سرّا و أنا أركل قارورة مشروب- أزيحُ أذاها عن الطّريق : نستسقي بالنوء و نحسب بالنجوم و نتبوّل على البخاري، و رحت أفرك عيني أسْقِط ما بها من نعاس. مرَقَ قط، كأنّه لمح شيئا تحت خشباتٍ أسندتْ إلى جدار، كانت هناك، بذراتٍ، حتى نبتت في الرّمل و سخام الريح. عاد القطّ خائبا، مرّ آخر، لبثَ عند بقيّة زبالَةٍ عافها عامل النظافة الذي يعمل ثُلُث الدّوام أو رُبعه أو سُدسه أو... القانون يضمن حقّه في الإضراب. اجتمع قطّان آخران و جاء ثالث، صار العدّ جمعا، اقتسموا المكان، لم يتشاجروا. الزّقاق لا ظلّ فيه و لا ظلّ له. الضباب يتصاعدُ فيحمل أنين الأرض، مثل محمومٍ تمسح جبهته يدا عجوز ب...

غيمة راقصة

انظري يا ماشا، تأملي تلك الغيمة البيضاء. نظرت القطة، تتبعت اصبعي في الظلام، ماشا قطة الجيران اصبحت تزورنا كثيرا، تقفز من السطح و تنزل متأنقة في امتلائها، سوداء كفحمة قطعت من غصن زيتون فتي، متألقة في هالة من ألوان الطيف التي تفيض من وبرها القطني الدافئ. انظري يا ماشا، انا، انت، و ذاك العصفور النائم في قفصه و كل شيء، كلنا ندور حتى نختنق من لهاث، و يبدو لهاثنا كابتسام غبي، ندور كاعصار من ماء اجوف في ثقب بالوعة قذرة، و نحسب أنها رقصة الانتصار، و يبتلعنا الظلام، قولي لي كيف تشعري ن في صندوقك الدامس هذا؟ نطت على الكرسي الابيض، حسبتها ستقول شيئا، لكنها رنت بعينين من عسل أسود نحو السماء، طائر وحيد، هو ايضا اسود، مرق كنقطة قذرة ترحل، و تبخترت ماشا على الدرح و اذا هي خيال يبتعد. سماء اخر الليل و غيمة تلتحف البياض. سبحت الغيمة و رداؤها يطفو على لجة قاتمة بالفراغ. الهلال اسدل قرنيه كثور مهزوم و النجوم نقوشُ غبار على غطاء خلِق. وحدها تلك السحابة تمسك الالوان لتثبّت ارضية السواد بلاطا للذة مقموعة. غيمة بحجم قارة مفقودة. انتصبت على قدم من اثير، كعين بيضاء في قلب اعصار من زغب، و في لحظة العشق تلك ...

لأجل عينيك

لأجل عينيك تُشرق الشمس مرّتين و يُثمر التين في الشتاء و الرّبع يُزهر كرّتين  و ألفُ غُصن من غابة أشعاري  خلف حروف الكتابات التي نبتت و خلف عشْرٍ من السنين و ألفِ شَهْرٍ بِدَوْرَةِ القمر لم أدرِ يوما  لم أدر أن الماء يحفظ الأسماء و أنّ كلَّ الحُروفِ غابَةٌ سوداء تموت عند فروعها السّماء أيقنت أني  أنا لا أحسن الإصغاء # أوهام  في صيفٍ بلا قيلولة

"الكارثة" و الشرّير و الحسناء

 في زمان كانت العصافير تتكلّم، عاشت فتاة جميلة في كوخٍ بعيد حيطانه من قصب بالقرب من بركة ماء تنحني عليها الأغصان لتحميها من الشمس و تجتمع عندها العصافير كل مساء لتخطط مسار الصباح. تُحدّث الطيور الفتاة عن أسفارها البعيدة و العواصف و الجبال و الصحراء و عندما يُنير الفجر وجه البركة تتركها تتأملّ حسنها المرسوم على صفاء الماء قبل أن تُكسّره موجة رقيقة و تدفعه إلى النّهر. ذات صباح قررت أن تجمع شظايا صورتها و ترسلها مع العصافير إلى السّماء، و من السماء سترى العواصف و الجبال و الصحراء و الغيوم و فارسا يفتح الطّريق للشمس. الشّرّير، من مكان مرتفع وقف يراقب المشهد وراء عدسة المنظار، لاحت له الجميلة تسير على حافة النهر و عيناها مثبّتتين في الماء ثم تنحني لتلتقط شيئا و من حين لآخر تحسُر عن ثوبها و تغوص بقدميها لتنتشل من القاع بريقا كالجوهرة. في الإمتداد المقابل حيث يضيع النهر لمح نقطة تترنّح، نمت النقطة و أوحى له الشكل الجديد بكارثة تقترب. شيئا فشيئا تأكّد أن المصيبة تعرُجُ في الماء و الوحل. جاءت المصيبة من بعيد جدا، مصيبة تلبس قبّعة، على شكل رجل. لم يرفع الرجل- المصيبة قبّعته...