الباب المقبّى بالرخام الأبيض على النمط التركي المهجن بمسحة مراكشية، مفتوح على مصراعيه.
في الداخل يتسارع وقع الدفّ و الدربوكة فيغطّي بحّة الحناجر المتعبة و شنشنة الأساور الذهبية اللامعة. الصحن يجمع أربعة واجهات معا ليرسم مربّعا أندلسيا بقرميد أحمر مفتوحا إلى سماء ملبّدة بغيوم رصاصيية تنذر بسقوط عاجل، و نسائم شمالية تهوي خفيفةّ و ترتدّ مثقلة بعبق الأجساد الملتهبة لتتشظى على حواف السقف.
تحت البرطال -هي في الواقع أربعة براطيل تتحد على اسطوانات دقيقة من رخام متوّجة بورق العنب و يتدلى في إنائها قناديل مربّعة و تتوسّط الصحن نافورة معطّلة تحاكي بيتا دمشقيا عتيقا.
حجرة السيّدة مفتوحة و الضريح مُزمّلٌ بالأخضر و أطياف لهب الشموع من حوله تتراقص مع الأرواح الهائمة للبخور ثم تتسلل سابحة في بحر كثيف من الأنفاس و الهذيان و الحرقوص و الحنّاء و اللوبان.
كلّ خميس يأتي الناس للزيارة من كل مكان، من الجبال و الصحراء و البحر و ما وراء البحر و يَشرق بهم المقام حتى يغصّ إذا حلّ الصيف و العرق.
في كلّ جسدٍ أفعوان، يُزْهرُه النّقرُ و يهيّجه الدقّ فيتلوّى و الأنفاسُ فحيحٌ و آهاتٌ مكلومةٌ مكتومة تنتظر الخلاص.
و يحمى الوطيس.
و ترتعش نهود و تهتزّ أردافٌ و تتفجر أفخاذ في فضفضةٍ تُخرصُها سيورٌ من قماش، و ينهمر العرق باردا ليكسر قليلا لظى الحمّى المتسرّبة كبريق آثم بالشوق في العيون الكحلاء و في أنين عضّة على ثغورٍ لمياءَ حوّاء...
وفي الغفلة، و في عتمة الزوايا... قد يختلط الحابل بالنابل حتى تسودّ في عرفها الحنّاء...
في الداخل يتسارع وقع الدفّ و الدربوكة فيغطّي بحّة الحناجر المتعبة و شنشنة الأساور الذهبية اللامعة. الصحن يجمع أربعة واجهات معا ليرسم مربّعا أندلسيا بقرميد أحمر مفتوحا إلى سماء ملبّدة بغيوم رصاصيية تنذر بسقوط عاجل، و نسائم شمالية تهوي خفيفةّ و ترتدّ مثقلة بعبق الأجساد الملتهبة لتتشظى على حواف السقف.
تحت البرطال -هي في الواقع أربعة براطيل تتحد على اسطوانات دقيقة من رخام متوّجة بورق العنب و يتدلى في إنائها قناديل مربّعة و تتوسّط الصحن نافورة معطّلة تحاكي بيتا دمشقيا عتيقا.
حجرة السيّدة مفتوحة و الضريح مُزمّلٌ بالأخضر و أطياف لهب الشموع من حوله تتراقص مع الأرواح الهائمة للبخور ثم تتسلل سابحة في بحر كثيف من الأنفاس و الهذيان و الحرقوص و الحنّاء و اللوبان.
كلّ خميس يأتي الناس للزيارة من كل مكان، من الجبال و الصحراء و البحر و ما وراء البحر و يَشرق بهم المقام حتى يغصّ إذا حلّ الصيف و العرق.
في كلّ جسدٍ أفعوان، يُزْهرُه النّقرُ و يهيّجه الدقّ فيتلوّى و الأنفاسُ فحيحٌ و آهاتٌ مكلومةٌ مكتومة تنتظر الخلاص.
و يحمى الوطيس.
و ترتعش نهود و تهتزّ أردافٌ و تتفجر أفخاذ في فضفضةٍ تُخرصُها سيورٌ من قماش، و ينهمر العرق باردا ليكسر قليلا لظى الحمّى المتسرّبة كبريق آثم بالشوق في العيون الكحلاء و في أنين عضّة على ثغورٍ لمياءَ حوّاء...
وفي الغفلة، و في عتمة الزوايا... قد يختلط الحابل بالنابل حتى تسودّ في عرفها الحنّاء...
******
كان الفرشيشي مسندا ظهره إلى بعض النتوءات الشاردة من جدار تراخى عامل البناء فما لاطه بعد، ربما لأمر تفتّق في نفسه أو للخبث الذي يوسم به أصحاب الحرف، لسيما و أن الأجرة مدفوعة من بعض خزائن الدولة.
منتصبا للقنص يرقب، و الصبرُ عند البعض يُتعب، مأثرة الفرشيشي بين أقرانه و باعث على المتاعب و الحسد
منتصبا للقنص يرقب، و الصبرُ عند البعض يُتعب، مأثرة الفرشيشي بين أقرانه و باعث على المتاعب و الحسد
الفرشيشي لا علاقة له بالفراشيش و لا ماجر و لا عيار و لم يسبق له أن تمدد غربا و ما نظنه يفعل، يقول البعض أنه ورث الإسم و الفرطسة الخفيفة عن جده لأمه و آخرون يقسمون أن الإسم على علاقة بافراطه الشديد في النوم. هو لاعب ورق فاشل و عاطل من الدرجة الممتازة و فنان بارع مع أم الخبائث لكنه عدوّ شرس للزطلة و أصنافها. على جبينه ترتسم بقعة باهتتة كأثر عينٍ ثالثة تشدّ الرائي و تسحبه سحبا بخيوط الطاقة التي لا ترى.
ظلّ الفرشيشي يرمق المكان بعينيْ صقر أقرع و أذني وطواط بشاربين، ممررا كفيه على بطنه الضامرة كسكين تشحذ أيام الموسم. تسمّر في مكانه حين رصدت حواسه المرهفة ترددات حملتها أمواج الأثير و أهرقتها وخزا في شرايينه البارزة من خلال كتل العضلات الفائضة. جالت عيناه في محجرهما و انعكست الصور مقلوبة على محاورها في أعماق مجاهل جمجمته عبر سواد البؤبؤ الضيّق كلمح خاطف ما لبث أن ارتدّ منتصبا في سهام الرموش التي اتسعت إلى أقصاها أمام اغراء الصورة الممغنطة...
اتساق ملائكيٌّ كزهرة بلل الندى بتلاتها صبيحة يوم ملتهب.
أنهى الفرشيشي شحذ يديه و حكّ أنفه كأنه يستحثه ثمّ دفع بأعلى ظهره و أقام عضلة ساقه الصافنة في حركة واحدة و اندفع مسلّحا بخبرته الواسعة في الرقص يشقّ فوضى الجحيم العبق برائحة الشبق المموّه بشذرات من عطر أثيريّ و يتمايل بخصره استعداد لخوض أمواج الوغى.
يتبع
Commentaires
Enregistrer un commentaire