خشخش البوق مرّة أخرى ثم خمد، إنه عامل الصيانة الغبيّ في كل مرّة يحاول فصل الكهرباء عن الميكروفون يأتي بأعاجيب، أحيانا يستعصي عليه فكّ عُقدِ الأسلاك فيمتّع أسماعنا بسلسلة من الأدعية على المباشر تتناول ربّ الخيوط و دُبُر أمها و أبيها و كل ذي علاقة . انقطعت فجأة سلسلة الضحكات و الخشخشات معا و دوّى الرّعد من ناحية الغرب. كان الزّقاق خاليا و لا رِكْزَ لآدميّ. نطّ قطّ رماديٌّ من بين قضبان شبّاك صدئٍ و أسرع -منتصب الأذنين-حتى بلغ كيس زبالة أسودَ مَفْرِيٍّ و دون تردد اعتلى قطّة سوداءَ لا تكاد تبين كانت حاشرة رقبتها تنتقي رزقا و ببداهة غريزيّةٍ أجاد تثبيتها بعضّة مُحكمة في رقبتها. استقام ذيله، و لم تُبدي صدّا. في تلك اللحظة أطلّ غضنفرٌ لا يستقيم إدراجه ضمن الهررة، أشهب، عظيم الرّأس، قصير الأذنين، طويل الشوارب، جاء يمشي بهدوء و وقار من بيت أزيلَ جداره الخارجي و أستعيض عنه بألواح خشبية. نبّهته أنقاض البناء و أكداس الرّمل فشكر السّماء أنه يوم جمعة يرتاح فيه عمال البناء . شدّهما المشهد معا و أغضبه تطفّل القط الثالث الذي ظلّ يتشمم و يحوم حول العاشقَيْن، و انحنى يلتقط حجرا لولا الضحكة التي ...