Accéder au contenu principal

Articles

Affichage des articles du janvier, 2018

يوميات عاطل2

خشخش البوق مرّة أخرى ثم خمد، إنه عامل الصيانة الغبيّ في كل مرّة يحاول فصل الكهرباء عن الميكروفون يأتي بأعاجيب، أحيانا يستعصي عليه فكّ عُقدِ الأسلاك فيمتّع أسماعنا بسلسلة من الأدعية على المباشر تتناول ربّ الخيوط و دُبُر أمها و أبيها و كل ذي علاقة . انقطعت فجأة سلسلة الضحكات و الخشخشات معا و دوّى الرّعد من ناحية الغرب. كان الزّقاق خاليا و لا رِكْزَ لآدميّ. نطّ قطّ رماديٌّ من بين قضبان شبّاك صدئٍ و أسرع -منتصب الأذنين-حتى بلغ كيس زبالة أسودَ مَفْرِيٍّ و دون تردد اعتلى قطّة سوداءَ   لا تكاد تبين كانت حاشرة رقبتها تنتقي رزقا و ببداهة غريزيّةٍ أجاد تثبيتها بعضّة مُحكمة في رقبتها. استقام ذيله، و لم تُبدي صدّا. في تلك اللحظة أطلّ غضنفرٌ لا يستقيم إدراجه ضمن الهررة، أشهب، عظيم الرّأس، قصير الأذنين، طويل الشوارب، جاء يمشي بهدوء و وقار من بيت أزيلَ جداره الخارجي و أستعيض عنه بألواح خشبية. نبّهته أنقاض البناء و أكداس الرّمل فشكر السّماء أنه يوم جمعة يرتاح فيه عمال البناء . شدّهما المشهد معا و أغضبه تطفّل القط الثالث الذي ظلّ يتشمم و يحوم حول العاشقَيْن، و انحنى يلتقط حجرا لولا الضحكة التي ...

في الكتّاب

  "الحمدوللاهي-ربِّلْعالمينا-الرّحمانرْ_رَحيمي-مالكي يومِدّيني..." تعلو الأصوات و تهبط كسِلّيَةِ نَحل وقت الضّحى، و النغمة واحدة تضبطها عصا المِدّب المتربّع على جلدٍ مقلوب فوق دكّة علوّها شبر لُبّست بالجير الأشهب- جير فرنسا- و عليها آثار أصابع معوجّة. في صيفنا تصير الظلال الغامقة حلما، يأكل الضوء الألوان، حتى الأبيض. أصفر التراب لا غير، كالقصب القديم أو التبن إذا رَنَّخَه البول. الكُتّاب بيت مستطيل فيه شَبه بالبيوت الأندلسية أو المراكشية أو الحفصية أو الدمشقية أو كلها معا، بحجارته الكذّال و أقواسه الصفراء و البئر التي في الوسط، و المُصلّى الذي يُزيّن لخَتمة ليلة القدر و زَرْدَتها اللّيلية، و على عقد الباب منقوش "إن المساجد لله..." رغم أن لا أحد يسمّي الجامع مسجدا، في الأصل هو زاوية لشيخ –و ما أكثر الشيوخ و الشّيخات عندنا، جاد بهم الدّهر التركي فكُبّت قبابُ بيزنطة على التوابيتَ و لمعت النجمة مع الهلال. الحيطان عريضة و قصيرة مرصوصة يسند بعضها بعضا نخََرها الندى و الشمس فبَوّطت الليقَةُ و بوّقت و تهَسْهست حتى عشّشَت فيها الخنافس و صنعت منها السّدّاية  مَناد...

يوميات عاطل

أفاق تحت ضربات أصوات صاخبة، تململ قليلا بما يكفي ليتبيّن أن اليوم جمعة. تثاءب دون أن يفتح عينيه و مدّ يده فحكّ خصيتيه ثم سوّى قضيبه المنتصب، ابتسم في قرارة نفسه و زمّ شفتيه علامة الرضا ثم انبطح على بطنه و احتضن المخدّة . ما أن احتكّ قضيبة المنتفخ بالفراش حتى تملّكته رغبة ملحّة في مضاجعة ابنة الإمام . أطلق العنان لخياله . منذ سنوات و هو يخيط مكاتب التشغيل و الإدارات و المصانع و يملأ الاستمارات و يرسل المطالب و الالتماسات و يقابل أشخاصا و وساطات و معارفَ و مسؤولين و بوّابين و حجّابا و لكن ضربة الحظّ لم تقدح شرارَتها بعد . عمل هنا و هناك لتحصيل بعض النفقات اليومية، أكلت "المرمّة" و أشغال الدّهن كبده و هو خرّيج الجامعة، و عادت يداه خشنتان و هو صاحب القلم. و ساقه عبث القدر و النقمة و اليأس إلى التبلّد . البارحة كانت ليلة كبيرة، اجتمع الرفاق في سهرة عند أحد الفجاج على طرف المدينة، لم تكن السهرة الأولى و لن تكون الأخيرة، و لم ينفضّ الجماعة إلا حين تناهى صوت الإمام من المئذنة الجديدة. يذكر أنه تساءل كيف بلغ الصوت كل ذاك المدى، و اقتنع أن الأمر عائد لا محالة للتجهيزات الجديدة ....

ڨارو

قرنصنا تحت الحائط الشرقي، ننعم في دفء صباحٍ مشمس من شهر كانون. بقينا محلّڨين حتى راح النهار و مالت الشمس. لسبب أجهله تفكّرت صاحبي "لعور" زمن الثانوية أمام المعهد، في تلك الأيام كانت هناك أكداس حجارة و صفصافات من غرس الاستقلال مفرّقَةٌ في تلك البطحاء تُحيط "البئر الجديد" أو يئر "الجديد" سبيلٌ أوقفت للمتجهين شرقا و أغفلها دستور جلولي فارسي، قُطعت الصفصافات الآن من جذوعها للمرّة الثانية على إثر بتّةٍ عمومية لصالح مقاولي الأخشاب شملت كامل الخضراء... قُطعت هناك و بقيت في الذاكرة ثابتة و فروعها في السماء تظلّل النسيان. صاحبنا "لعور" الذي أحالته البطالة إلى يائس، و المقاهي، باكرا، إلى محترف في الشكبة و البازڨة و ما احتوته الأربعون، انتقل بحكم الضرورة إلى شرطيّ، حتى و إن غابت عنه الوهرة أو فاحت منه رائحة المرناڨ. شرطي طيّب لا يفارق ڨارو الكريسطال مبسمه مع تلك التكويسة التي فرضها شاروق الدخان. بعد الثالثة ثانوي من ذلك النظام المنقرض افترقنا، آثره الزمن بمجموعة محترفة أحكم رمضان الصيفي نسج خيوطها، و للحقيقة و التاريخ و الأجيال القادمة بقي حبل الود موص...