الباب المقبّى بالرخام الأبيض على النمط التركي المهجن بمسحة مراكشية، مفتوح على مصراعيه. في الداخل يتسارع وقع الدفّ و الدربوكة فيغطّي بحّة الحناجر المتعبة و شنشنة الأساور الذهبية اللامعة. الصحن يجمع أربعة واجهات معا ليرسم مربّعا أندلسيا بقرميد أحمر مفتوحا إلى سماء ملبّدة بغيوم رصاصيية تنذر بسقوط عاجل، و نسائم شمالية تهوي خفيفةّ و ترتدّ مثقلة بعبق الأجساد الملتهبة لتتشظى على حواف السقف. تحت البرط ال -هي في الواقع أربعة براطيل تتحد على اسطوانات دقيقة من رخام متوّجة بورق العنب و يتدلى في إنائها قناديل مربّعة و تتوسّط الصحن نافورة معطّلة تحاكي بيتا دمشقيا عتيقا. حجرة السيّدة مفتوحة و الضريح مُزمّلٌ بالأخضر و أطياف لهب الشموع من حوله تتراقص مع الأرواح الهائمة للبخور ثم تتسلل سابحة في بحر كثيف من الأنفاس و الهذيان و الحرقوص و الحنّاء و اللوبان. كلّ خميس يأتي الناس للزيارة من كل مكان، من الجبال و الصحراء و البحر و ما وراء البحر و يَشرق بهم المقام حتى يغصّ إذا حلّ الصيف و العرق. في كلّ جسدٍ أفعوان، يُزْهرُه النّقرُ و يهيّجه الدقّ فيتلوّى و الأنفاسُ فحيحٌ و آهاتٌ مكلومةٌ مكتومة تنتظر الخ...