أتعرفون يا جماعة ما هو ألذّ شيء على الاطلاق؟!
حسنا.
في السابق كان عندي جهاز راديو منبّه، و كنت أضبطه على الساعة السابعة و النصف صباحا لكن لم أفهم يوما كيف أسكته، و ربّ ضارّة نافعة!
بعد ذلك تعوّدت على الهاتف و نغماته المخدّرة.
عندما يرنّ الهاتف لا تفتح عينيك أبدا و إلا وقعت في الفخ، دع اللاوعي يعمل فإنّه له من الوعي ما لا تدركه عيناك الملتصقتان.
بحكم الخبرة و العادة صارت التلقائية أحد طقوس استحضار اللذة، و صارت يدي كلما انبعثت الموسيقى تمتدّ في استقلال تامّ لتقرص أحد الأزرار الشبيهة بحلمةٍ منتصبة.
لعلّ حَلَمة الهاتف مدخلٌ جيّد للحديث عن الأحلام، يكفي أنهما يرتبطان بنفس الجذر.
الكلام شجرة وارفة و يكفيك أن تهزّ غصنا فتسّاقط الحروف و بعضها تبعثره الريح.
إذن، ستداعب يدك احدى الحلمات باستثناء تلك التي في الأعلى على يسارك، و ستتكفّل البرمجيات الالكترونية بمنحك خمس دقائق من اللذة الصّرفة قابلة للتجديد، على أن تكون أنت قادرا على التأليف و مدّ الجسور.
تمامُ السابعة و النصف، تنبعث الموسيقى فتنقضّ يدي عابرةً آلاف الأكوان الموازية و قد أخذت شكل مخلب النّسر بينما كانت عينا النسر ترسمان الأفق على سطح محدّب.
في البداية كانت هناك، و منذ البدء لم تراوح مكانها، على الشاطئ الذّهبيّ عند الحافّة التي يتكسّر عندها الموجُ هباء. كانت ترتدي تي شيرت عليه رسمة جمل، و في الأعلى برزت خيمتان من خيام البدو عامرتان بالحياة و كانت هناك نجمة حمراء تُشرق فتعطي للأشياء أحجامها و ظلالها.
داعبت الزّبد بأصابع قدمها حينا ثم أمسكت بيدها رقبتها فانهصرت خيمة و شرد البعير، لكنها لم تبالي بالفوضى التي أحدثتها و ظلّت يدها الأخرى على خصرها حتى لتبدو ككأس من معين منعش ألقيَ عمدا في فجاج تلك الكثبان الظمآى.
انبعثت الموسيقى من جديد و تلاشت من جديد.
صناعة المشهد الموالي ستكشف لك إن كنت من الهواة أو المحترفين، إذ ليس بيدك تكرار المشهد أو حتى تركه يتواصل، لكن تستطيع بالدّربة المحافظة على الشخصيات، و لهذا سمّيتها "فرانشسكا" و أسماء أخرى أيضا.
كان هناك نهر و غابة داكنة السواد و صخور ناتئة هنا و هناك، قدّرت من هيئتي أن المكان هو الرّيف الأنجليزي في القرن التاسع عشر.
رُحت أجدّف محاذرا سقوط تلك القبّعة السوداء بينما كانت خصلة أنيقة من شعري تتدلّى فتحجب عنّي "الرؤيا"، لذلك شعرت بيدي ترفعها عن جبهتي و لولا هذا الانغماس الكلّي في "التجديف" لكنت أضعت الخيط و لانكشف المشهد عن الصباح.
بدأت الصورة تتضح كلما تقدّم القارب حتى صرت لا أميّز خفقات قلبي عن ضربات المجداف. كان لقائي الأوّل بفرانشسكا و كانت تُلوّح لي بمنديلها من خلال فُرجةٍ في الغابة و قد أحاطت بها طيورٌ ملوّنة تصدح بأغان متناسقة.
حين صرت قبالتها نزلت من القارب محاذرا الانزلاق خلال تلك الصخور التي خلّفها العصر الجليدي و قد تكسّرت عندها أضغاث الأحلام.
صدحت الموسيقى من جديد ثم سقطت الاصوات في بئر بلا قرار.
كانت فرنشيسكا ممدّة نصف عارية تضيئها التماعات النجوم عبر السقف الزّجاجي لهذا المبنى المشيّد على قارة أطلنتس التي طارت إلى كوكب المرّيخ.
نهضت فرانشيسكا فجأة – و لا يمكنني نقل المشهد إليكم- و ضغطت على زرّ فغابت النّجوم و لكنّي لمحت شعلة من نار في عينيها حين استدارت و قبل أن يغرق المكان في الظلام و اللّهيب.
و هذه المرّة تركت الموسيقى تنساب قبل أن أمعس الحلمة المناسبة.
كان النهار يُنذر بشمس من نُحاس.
حسنا.
في السابق كان عندي جهاز راديو منبّه، و كنت أضبطه على الساعة السابعة و النصف صباحا لكن لم أفهم يوما كيف أسكته، و ربّ ضارّة نافعة!
بعد ذلك تعوّدت على الهاتف و نغماته المخدّرة.
عندما يرنّ الهاتف لا تفتح عينيك أبدا و إلا وقعت في الفخ، دع اللاوعي يعمل فإنّه له من الوعي ما لا تدركه عيناك الملتصقتان.
بحكم الخبرة و العادة صارت التلقائية أحد طقوس استحضار اللذة، و صارت يدي كلما انبعثت الموسيقى تمتدّ في استقلال تامّ لتقرص أحد الأزرار الشبيهة بحلمةٍ منتصبة.
لعلّ حَلَمة الهاتف مدخلٌ جيّد للحديث عن الأحلام، يكفي أنهما يرتبطان بنفس الجذر.
الكلام شجرة وارفة و يكفيك أن تهزّ غصنا فتسّاقط الحروف و بعضها تبعثره الريح.
إذن، ستداعب يدك احدى الحلمات باستثناء تلك التي في الأعلى على يسارك، و ستتكفّل البرمجيات الالكترونية بمنحك خمس دقائق من اللذة الصّرفة قابلة للتجديد، على أن تكون أنت قادرا على التأليف و مدّ الجسور.
تمامُ السابعة و النصف، تنبعث الموسيقى فتنقضّ يدي عابرةً آلاف الأكوان الموازية و قد أخذت شكل مخلب النّسر بينما كانت عينا النسر ترسمان الأفق على سطح محدّب.
في البداية كانت هناك، و منذ البدء لم تراوح مكانها، على الشاطئ الذّهبيّ عند الحافّة التي يتكسّر عندها الموجُ هباء. كانت ترتدي تي شيرت عليه رسمة جمل، و في الأعلى برزت خيمتان من خيام البدو عامرتان بالحياة و كانت هناك نجمة حمراء تُشرق فتعطي للأشياء أحجامها و ظلالها.
داعبت الزّبد بأصابع قدمها حينا ثم أمسكت بيدها رقبتها فانهصرت خيمة و شرد البعير، لكنها لم تبالي بالفوضى التي أحدثتها و ظلّت يدها الأخرى على خصرها حتى لتبدو ككأس من معين منعش ألقيَ عمدا في فجاج تلك الكثبان الظمآى.
انبعثت الموسيقى من جديد و تلاشت من جديد.
صناعة المشهد الموالي ستكشف لك إن كنت من الهواة أو المحترفين، إذ ليس بيدك تكرار المشهد أو حتى تركه يتواصل، لكن تستطيع بالدّربة المحافظة على الشخصيات، و لهذا سمّيتها "فرانشسكا" و أسماء أخرى أيضا.
كان هناك نهر و غابة داكنة السواد و صخور ناتئة هنا و هناك، قدّرت من هيئتي أن المكان هو الرّيف الأنجليزي في القرن التاسع عشر.
رُحت أجدّف محاذرا سقوط تلك القبّعة السوداء بينما كانت خصلة أنيقة من شعري تتدلّى فتحجب عنّي "الرؤيا"، لذلك شعرت بيدي ترفعها عن جبهتي و لولا هذا الانغماس الكلّي في "التجديف" لكنت أضعت الخيط و لانكشف المشهد عن الصباح.
بدأت الصورة تتضح كلما تقدّم القارب حتى صرت لا أميّز خفقات قلبي عن ضربات المجداف. كان لقائي الأوّل بفرانشسكا و كانت تُلوّح لي بمنديلها من خلال فُرجةٍ في الغابة و قد أحاطت بها طيورٌ ملوّنة تصدح بأغان متناسقة.
حين صرت قبالتها نزلت من القارب محاذرا الانزلاق خلال تلك الصخور التي خلّفها العصر الجليدي و قد تكسّرت عندها أضغاث الأحلام.
صدحت الموسيقى من جديد ثم سقطت الاصوات في بئر بلا قرار.
كانت فرنشيسكا ممدّة نصف عارية تضيئها التماعات النجوم عبر السقف الزّجاجي لهذا المبنى المشيّد على قارة أطلنتس التي طارت إلى كوكب المرّيخ.
نهضت فرانشيسكا فجأة – و لا يمكنني نقل المشهد إليكم- و ضغطت على زرّ فغابت النّجوم و لكنّي لمحت شعلة من نار في عينيها حين استدارت و قبل أن يغرق المكان في الظلام و اللّهيب.
و هذه المرّة تركت الموسيقى تنساب قبل أن أمعس الحلمة المناسبة.
كان النهار يُنذر بشمس من نُحاس.
Commentaires
Enregistrer un commentaire